للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فالمزيد هنا هو: النَّظر إلى وجه الله ﷿، كما فسَّره بذلك علي وأنس بن مالك .

وقال سبحانه: ﴿للذين أحسنوا الحسنى وزيادة﴾ [يونس: ٢٦].

فالحسنى: الجنة، والزيادة: هي النظر إلى وجه الله الكريم، كما فَسَّرها بذلك رسول الله بقوله: «إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ قَالَ: يَقُولُ اللَّهُ : تُرِيدُونَ شَيْئًا أَزِيدُكُمْ! فَيَقُولُونَ: أَلَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنَا؟ أَلَمْ تُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ وَتُنَجِّنَا مِنْ النَّارِ؟ قَالَ: فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ، فَمَا اعْطُوا شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِم مِنْ النَّظَرِ إِلَى رَبِّهِمْ ﷿، وهي الزيادة، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ﴾» (١).

قال الإمام ابن كثير : «وأمَّا السنة، فقد تواترت الأخبار عن أبي سعيد، وأبي هريرة، وأنس، وجرير، وصهيب، وبلال، وغير واحد من الصحابة عن النبي : أن المؤمنين يرون الله في الدار الآخرة في العرصات، وفي روضات الجنات، جعلنا الله تعالى منهم بمنه وكرمه. آمين (٢).

والمسألة الثانية: رؤية الكفار لله تعالى.

فذكر هنا قولًا من أقوال أهل السنة: أن الكفار لا يرونه.

والقول الثاني: أنهم يرونه رؤية حسرة؛ فيرونه رؤية تعذيب ثم يحتجب عنهم.

والقول الثالث: أنه يراه أهل الإيمان وأهل النفاق من هذه الأمة وغبرات من أهل الكتاب، يُحشرون؛ فيرون الله ؛ لأن المنافقين يُحشرون مع أهل الإيمان، ثم بعد ذلك يُحال بينهم وبين اجتياز النار ودخول الجنة، فعند ذلك يُبعدون عن المؤمنين.

ويرى شيخ الإسلام أن مثل هذه المسائل إذا حدث فيها خلاف فلا يكون كبيرًا، وهي مسألة متأخرة لم يتكلم فيها الأوائل من أئمة السلف.

وقد بسطها شيخ الإسلام في «مجموع الفتاوى»، وسُئِل عنها فقال: «إن الأئمة من السلف القدامى لم يتكلموا فيها، إنما هي مسألة حدثت متأخرة، والخلاف فيها على الأقوال الثلاثة، وهذا الخلاف ليس كبيرًا، ولا يؤدي إلى تباين عن أهل السنة والجماعة (٣).


(١) أخرجه مسلم (٢٦٦) من حديث صُهَيْبٍ ?.
(٢) «تفسير ابن كثير» (٣/ ٣٠٩).
(٣) انظر: «مجموع الفتاوى» (٦/ ٤٨٦ - ٤٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>