وقال-أيضًا-أبو الحسن الأشعري في كتابه الذي سَمَّاه «الإبانة في أصول الديانة»، وقد ذكر أصحابه أنه آخر كتاب صَنَّفه، وعليه يعتمدون في الذَّبِّ عنه عند مَنْ يطعن عليه. فقال:«فصل في إبانة قول أهل الحق والسنة»(١).
فإن قال قائل: قد أنكرتم قول المعتزلة، والقدرية، والجهمية، والحرورية، والرافضة، والمرجئة؛ فعَرِّفونا قولكم الذي به تقولون، وديانتكم التي بها تَدِينون؟
قيل له: قولنا الذي نقول به، وديانتنا التي ندين بها: التمسك بكلام ربنا وسنة نبينا، وما رُوي عن الصحابة والتابعين وأئمة الحديث، ونحن بذلك معتصمون، وبما كان يقول أبو عبد الله؛ أحمد بن حنبل-نضَّر الله وجهه ورفع درجته وأجزل مثوبته-قائلون، ولما خالف قوله مخالفون؛ لأنه الإمام الفاضل، والرئيس الكامل؛ الذي أبان الله به الحق، ودفع به الضلالة، وأوضح به المنهاج، وقمع به بدع المبتدعين، وزيغ الزائغين، وشك الشاكِّين؛ فرحمة الله عليه من إمام مُقَدَّم، وجليل مُعَظَّم، وكبير مُفَهَّم».
يقر كثيرٌ من الأشاعرة أن كتاب «الإبانة» لأبي الحسن الأشعري، ويستشهدون بما ورد فيه، من الردِّ على مَنْ طعن فيه، والبعض يحاول إنكار أنه له.
وقد بين أبو الحسن الأشعري في هذا الكتاب عقيدة أهل السنة إلا في مواطن منها: فمثلًا: عند ذكره لصفة الكلام لم يُحَرِّر المسألة تحريرًا يوافق أهل السنة، لكن من حيث الجملة فقد قرَّر في هذا الكتاب عقيدة أهل السنة والجماعة.
وبين المصنف أن هذا الكتاب هو آخر ما صنفه كما يذكر أصحابه ذلك، ثم ذكر أن أبا الحسن الأشعري قال:«قولنا الذي نقول به، وديانتنا التي ندين بها: التمسك بكلام ربنا وسنة نبينا، وما روي عن الصحابة والتابعين وأئمة الحديث، ونحن بذلك معتصمون، وبما كان يقول به أبو عبد الله؛ أحمد بن حنبل قائلون».