للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

«إلى أن قال: وسنحتج لما ذكرناه من قولنا وما بقي مِمَّا لم نذكره بابًا بابًا. ثم تكلم على أن الله يُرى، واستدل على ذلك، ثم تكلم على أن القرآن غير مخلوق، واستدل على ذلك، ثم تكلم على مَنْ وقف في القرآن، وقال: لا أقول: إنه مخلوق، ولا غير مخلوق، ورَدَّ عليه.

ثم قال: (باب في ذكر الاستواء على العرش) (١).

فقال: إن قال قائل: ما تقولون في الاستواء؟ قيل له: إن الله مستوٍ على عرشه كما قال: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [طه: ٥]، وقد قال الله: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾ [فاطر: ١٠]، وقال: ﴿بَلْ رَفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ﴾ [النساء: ١٥٨]، وقال: ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ﴾ [السجدة: ٥]، وقال تعالى حكاية عن فرعون: ﴿يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَّعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ • أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا﴾ [غافر: ٣٦، ٣٧]؛ كذَّب موسى في قوله: إن الله فوق السماوات، وقال: ﴿أَأَمِنتُم مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ﴾ [الملك: ١٦]، فالسماوات فوقها العرش، فلما كان العرش فوق السماوات، قال: ﴿أَأَمِنتُم مَنْ فِي السَّمَاءِ﴾؛ لأنه مستو على العرش الذي فوق السماوات، فكل ما عَلا فهو سماء، فالعرش أعلى السماوات، وليس إذا قال: ﴿أَأَمِنتُم مَنْ فِي السَّمَاءِ﴾ يعني جميع السماء، وإنما أراد العرش الذي هو أعلى السماوات، ألا ترى أن الله ﷿ ذكر السماوات فقال: ﴿وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا﴾ [نوح: ١٦]، فلم يُرد أن القمر يملؤهن، وأنه فيهن جميعًا».

وسبق الكلام على صفة استواء الله على العرش، وصفة علوه جل وعلا.


(١) انظر: كتاب «الإبانة عن أصول الديانة» (ص ١٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>