للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المشترك بينه وبين سائر الموجودات، وبين كل حي عليم سميع بصير، وإن كنت لا أصفه بما تختص به المخلوقات، وإلا فلو قال الرجل: هو حي لا كالأحياء، وقادر لا كالقادرين، وعليم لا كالعلماء، وسميع لا كالسمعاء، وبصير لا كالبصراء، ونحو ذلك، وأراد بذلك نفي خصائص المخلوقين، فقد أصاب.

وإن أراد نفي الحقيقة التي للحياة والعلم والقدرة ونحو ذلك، مثل أن يثبت الألفاظ وينفي المعنى الذي أثبته الله لنفسه، وهو من صفات كماله، فقد أخطأ.

إذا تبين هذا فالنزاع بين مثبتة الجوهر والجسم ونفاته، يقع من جهة المعنى فسر شيئين: أحدهما: أنهم متنازعون في تماثل الأجسام والجواهر على قولين معروفين.

فمن قال بتماثلها، قال: كل من قال: إنه جسم لزمه التمثيل.

ومن قال إنها لا تتماثل، قال: إنه لا يلزمه التمثيل.

ولهذا كان أولئك يسمون المثبتين للجسم مشبهة، بحسب ما ظنوه لازماً لهم، كما يسمى نفاة الصفات لمثبتيها مشبهة ومجسمة، حتى سموا جميع المثبتة للصفات مشبهة، ومجسمة، وحشوية، وغثاء، وغثراء، ونحو ذلك، بحسب ما ظنوه لازماً لهم.

لكن إذا عرف أن صاحب القول لا يلتزم هذه اللوازم، لم يجز نسبتها إليه على أنها قول له، سواء كانت لازمة في نفس الأمر أو غير لازمة، بل إن كانت لازمة مع فسادها، دل على فساد قوله.

ويوضح شيخ الإسلام ابن تيمية في النصين التاليين مواقف الطوائف من استعمال لفظ الجسم إثباتاً ونفياً، ويذكر كل قول والقائل به، وقد تكلم في النص الأول عن الخلاف في هذه المسألة بين من يقول بالإثبات فقسمهم إلى أربعة أصناف، وفي النص الثاني تحدث عن الخلاف بإضافة المعتزلة الذين يقولون بالنفي في باب الصفات، وبذلك نصبح الأصناف خمسة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الكلام عن أصناف المثبتين للصفات: (ولا ريب أن المثبتين لهذه الصفات، أربعة أصناف:

(الصنف الأول): صنف يثبتونها وينفون التجسيم والتركيب والتبعيض مطلقًا، كما هي طريقة الكلابية والأشعرية، وطائفة من الكرامية كابن الهيصم وغيره، وهو قول طوائف من الحنبلية، والمالكية، والشافعية، والحنفية، كأبي الحسن التميمي، وابنه أبي الفضل، ورزق الله التميمي، والشريف أبي علي بن أبي موسى، والقاضي أبي

<<  <  ج: ص:  >  >>