للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

والخشبة، بمعنى ساواها وهذه معاني الاستواء المعقولة في كلامهم" (١).

ومما يؤكد أيضاً أن السلف يعلمون معنى الاستواء قول ابن عبد البر: "والاستواء معلوم في اللغة ومفهوم، وهو العلو والارتفاع على الشيء والاستقرار والتمكن فيه".

قال أبو عبيدة في قوله ﴿اسْتَوَى﴾ قال: علا، قال: وتقول العرب: استويت فوق الدابة واستويت فوق البيت، وقال غيره: استوى أي انتهى شبابه واستقر فلم يكن في شبابه مزيد، والاستواء الاستقرار في العلو، وبهذا خاطبنا الله ﷿ فقال: ﴿لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ﴾، وقال: ﴿وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ﴾، وقال: ﴿فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَّعَكَ عَلَى الْفُلْكِ﴾ [المؤمنون ٢٨].

وقال الشاعر:

فأوردتهم ماء بضبضاء قفرة … وقد حلق النجم اليماني فاستوى

وهذا لا يجوز أن يتأول فيه أحد: استولى؛ لأن النجم لا يستولي.

وقد ذكر النضر بن شميل -وكان ثقة مأموناً جليلاً في علم الديانة واللغة-قال: "حدثني الخليل -وحسبك بالخليل-قال: أتيت أبا ربيعة الأعرابي وكان من أعلم من رأيت، فإذا هو على سطح، فسلمنا فرد علينا السلام وقال لنا: استووا فبقينا متحيرين ولم ندر ما قال؟ فقال لنا أعرابي إلى جنبه: إنه أمركم أن ترتفعوا، قال الخليل: هو من قول الله ﷿: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَان﴾ فصعدنا إليه" (٢).

وقال ابن القيم: "إن ظاهر الاستواء وحقيقته هو العلو والارتفاع كما نص عليه جميع أهل اللغة والتفسير المقبول" (٣).

ولما كان هذا هو معنى الاستواء في لغة العرب فقد تكلم السلف والمفسرون بهذا المعنى عند تفسير هذه الآية، فقد روي عن مجاهد في تفسير قوله تعالى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى العَرْش﴾ قال: علا على العرش (٤).

وقد روى ابن أبي حاتم في تفسيره بسنده عن أبي العالية في تفسير الآية السابقة الذكر قال: ارتفع (٥).

وقد روي عن الحسن البصري والربيع بن أنس مثله (٦).


(١) انظر مختصر الصواعق المرسلة (٢/ ١٢٦ - ١٢٧).
(٢) التمهيد (٧/ ١٣١ - ١٣٢).
(٣) انظر مختصر الصواعق (٢/ ١٤٥).
(٤) انظر فتح الباري (١٣/ ٤٠٣).
(٥) مجموع الفتاوى (٥/ ٥١٩).
(٦) مجموع الفتاوى (٥/ ٥١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>