للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فأهل التعطيل وقعوا في أربعة محاذير:

الأول: كونهم مثلوا ما فهموه من النصوص بصفات المخلوقين، وظنوا أن مدلول النصوص هو التمثيل.

الثاني: أنهم عطلوا النصوص عما دلت عليه من إثبات الصفات اللائقة بالله.

الثالث: أنهم بنفي تلك الصفات صاروا معطلين لما يستحقه الرب من صفات الكمال.

الرابع: أنهم وصفوا الرب بنقيض تلك الصفات، من صفات الأموات والجمادات والمعدومات (١).

٢ - بيان جمع أهل التمثيل بين التعطيل، والتمثيل (٢):

أما تعطيل الممثل فمن وجوه ثلاثة:

أحدها: أنه عطل نفس النص الذي أثبت الصفة، حيث صرفه عن مقتضى ما يدل عليه، فإن النص دال على إثبات صفة تليق بالله لا على مشابهة الله لخلقه.

الثاني: أنه إذا مثل الله بخلقه فقد عطله عن كماله الواجب، حيث شبه الرب الكامل بالمخلوق الناقص.

الثالث: أنه إذا مثل الله بخلقه فقد عطل كل نص يدل على نفي مشابهة الله لخلقه، مثل قوله تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ (٣)، وقوله: ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ﴾ (٤).

أما تمثيل أهل التمثيل: فإنهم يقولون: إن الله ﷿ لا يخاطبنا إلا بما نعقل، فإذا كان مستويًا على العرش فهو كاستواء الإنسان على السرير، إذ لا يعلم الاستواء إلا هكذا، فامتاز هؤلاء الممثلة بإثبات استواء هو من خصائص المخلوقين، كما امتاز المعطلة بتعطيل كل اسم للاستواء الحقيقي.

والقول الفاصل هو ما عليه الأمة الوسط من أن الله مستو على عرشه استواء يليق بجلاله ويختص به، فكما أنه موصوف بأنه بكل شيء عليم، وعلى كل شيء قدير، وأنه سميع بصير ونحو ذلك، ولا يجوز أن يثبت للعلم والقدرة خصائص الأعراض التي لعلم المخلوقين وقدرتهم، فكذلك هو سبحانه فوق العرش ولا يثبت لفوقيته خصائص فوقية المخلوق على المخلوق وملزوماتها.


(١) الرسالة التدمرية ٧٩ - ٨٠
(٢) انظر: الفتوى الحموية ص ٦٢ - ٦٣ ط: دار فجر للتراث
(٣) الآية ١١ من سورة الشورى
(٤) الآية ٤ من سورة الإخلاص

<<  <  ج: ص:  >  >>