للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال ابن قيم الجوزية عن الروح بعد أن ذكر الأقوال المختلفة في حقيقتها (١): "أَنه جسم مُخَالف بالماهية لهَذَا الْجِسْم المحسوس وَهُوَ جسم نوراني علوي خَفِيف حَيّ متحرك ينفذ فِي جَوْهَر الْأَعْضَاء ويسري فِيهَا سريان المَاء فِي الْورْد وسريان الدّهن فِي الزَّيْتُون وَالنَّار فِي الفحم فَمَا دَامَت هَذِه الْأَعْضَاء صَالِحَة لقبُول الْآثَار الفائضة عَلَيْهَا من هَذَا الْجِسْم اللَّطِيف بَقِي ذَلِك الْجِسْم اللَّطِيف مشابكا لهَذِهِ الْأَعْضَاء وأفادها هَذِه الْآثَار من الْحس وَالْحَرَكَة الإرادية وَإِذا فَسدتْ هَذِه الْأَعْضَاء بسب اسْتِيلَاء الأخلاط الغليظة عَلَيْهَا وَخرجت عَنْ قبُول تِلْكَ الْآثَار فَارق الرّوح الْبدن وانفصل إِلَى عَالم الْأَرْوَاح.

وَهَذَا القَوْل هُوَ الصَّوَاب فِي الْمَسْأَلَة هُوَ الَّذِي لَا يَصح غَيره وكل الْأَقْوَال سواهُ بَاطِلَة وَعَلِيهِ دلّ الْكتاب وَالسّنة وَإِجْمَاع الصَّحَابَة وأدلة الْعقل والفطرة" (٢)


(١) نقل ابن قيم الجوزية الأقوال في حقيقة الروح فقال: "قَالَ الرَّازِيّ وَأما الْقسم الثَّانِي وَهُوَ أَنْ الْإِنْسَان عبارَة عَنْ جسم مَخْصُوص مَوْجُود فِي دَاخل هَذَا الْبدن فالقائلون بِهَذَا القَوْل اخْتلفُوا فِي تعْيين ذَلِك الْجِسْم على وُجُوه
الأول: أَنه عبارَة عَنْ الأخلاط الْأَرْبَعَة الَّتِي مِنْهَا يتَوَلَّد هَذَا الْبدن
وَالثَّانِي: أنه الدَّم
والثَّالِث: أَنه الرّوح اللَّطِيف الَّذِي يتَوَلَّد فِي الْجَانِب الْأَيْسَر من الْقلب وَينفذ فِي الشريانات إِلَى سَائِر الْأَعْضَاء
والرَّابِع: أَنه الرّوح الَّذِي يصعد فِي الْقلب إِلَى الدِّمَاغ ويتكيف بالكيفية الصَّالِحَة لقبُول قُوَّة الْحِفْظ والفكرة وَالذكر
وَالْخَامِس: أَنه جُزْء لَا يتَجَزَّأ فِي الْقلب
وَالسَّادِس: أَنه جسم مُخَالف بالماهية لهَذَا الْجِسْم المحسوس" الروح ١/ ١٧٧
(٢) الروح ١/ ١٧٧ - ١٧٨

<<  <  ج: ص:  >  >>