للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الكلام والفقه وطائفة من أهل الحديث، ومنهم من يقر بالصفات الواردة في الأخبار -أيضًا- في الجملة، لكن مع نفي لبعض ما ثبت بالنصوص وبالمعقول، وذلك كأبي محمد بن كلاب ومن اتبعه، وفي هذا القسم يدخل أبو الحسن الأشعري وطوائف من أهل الفقه والكلام والحديث والتصوف، وهؤلاء إلى أهل السنة المحضة أقرب منهم إلى الجهمية والرافضة والخوارج والقدرية، لكن انتسب إليهم طائفة هم إلى الجهمية أقرب منهم إلى أهل السنة المحضة، فإن هؤلاء ينازعون المعتزلة نزاعًا عظيمًا فيما يثبتونه من الصفات وأعظم من منازعتهم سائر أهل الإثبات فيما ينفون.

وأمَّا "المتأخرون" فإنهم والوا المعتزلة وقاربوهم أكثر، وقدموهم على أهل السنة والإثبات، وخالفوا أوليهم، ومنهم من يتقارب نفيه وإثباته، وأكثر النَّاس يقولون: إن هؤلاء يتناقضون فيما يجمعونه من النفي والإثبات. " (١)

فهذه مذاهب المتكلمين كما أسلفنا، وبعد هذا قسمهم إلى قسمين في تعاملهم مع ما ينفون من نصوص الصفات.

والقول بالتفويض لم يكن معروفاً عند الجهمية والمعتزلة ومن وافقهم، وبخلاف القول بالتأويل فهو السائد بين طوائف المعطلة جميعاً، بل إن تأويلات الأشاعرة بعينها هي تأويلات الجهمية، وهذا سبق بيانه في مواطن أخرى.

وظهور مقالة التفويض إنما هو مرتبط بالقسم الثالث وهم الصفاتية والمقصود بهم الكلابية والأشاعرة والماتريدية وطوائف من أهل الفقه والكلام والحديث والتصوف.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "كان الناس قبل أبي محمد بن كلاب صنفين:

فأهل السنة والجماعة يثبتون ما يقوم بالله تعالى من الصفات والأفعال التي يشاؤها ويقدر عليها.

والجهمية من المعتزلة وغيرهم تنكر هذا وهذا" (٢).

أما الجهمية والمعتزلة ومن وافقهم فالهدين السببين أي:

عدم قبول النصوص أساساً في هذا الباب.

ولقولهم بتأويل جميع الصفات دون استثناء.

فإن التفويض لم يُعرف عن الجهمية والمعتزلة القائلين بأن الصفات يمتنع إثباتها لله تعالى.


(١) التسعينية ١/ ٢٦٤ - ٢٧٩
(٢) مجموع الفتاوى (١٢/ ٣٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>