للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما النفي فهو أن ينفى عن الله ﷿ كل ما يضاد كماله من أنواع العيوب والنقائص، مع وجوب اعتقاد ثبوت كمال ضد ذلك المنفي.

قال الإمام أحمد : "لا يوصف الله إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله لا نتجاوز القرآن والسنة".

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وطريقة سلف الأمة وأئمتها: أنهم يصفون الله بما وصف به نفسه وبما وصفه به رسوله من غير تحريف ولا تعطيل، ولا تكييف ولا تمثيل، إثبات بلا تمثيل، وتنزيه بلا تعطيل، إثبات الصفات، ونفي مماثلة المخلوقات، قال تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ فهذا رد على الممثلة ﴿وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ (١) رد على المعطلة.

فقولهم في الصفات مبني على أصلين:

أحدهما: أن الله منزه عن صفات النقص مطلقًا كالسنة والنوم والعجز والجهل وغير ذلك.

والثاني: أنه متصف بصفات الكمال التي لا نقص فيها على وجه الاختصاص بما له من الصفات، فلا يماثله شيء من المخلوقات في شيء من الصفات" (٢).

فالذي يجب اعتقاده هو أن معرفة هذا النوع من أنواع التوحيد تتوقف على دراسة الكتاب والسنة، لأن هذا التوحيد يتطلب، أسماء وصفات معينة، وهذه لا سبيل إلى معرفتها والحصول عليها إلا من طريق الكتاب والسنة (فنحن نؤمن بالله تعالى وبما أخبر به عن نفسه سبحانه على ألسنة رسله من أسمائه الحسنى وصفاته العلى بلا تكييف ولا تمثيل، وننفي عنه ما نفاه عن نفسه مما لا يليق بجلاله وعظمته، فإنه أعلم بنفسه وبغيره وأصدق قيلاً وأبين دليلاً من غيره) (٣)، ولذلك كان معتقد أهل السنة هو الإيمان بما سمى ووصف الله به نفسه إثباتًا ونفيًا، لأنه لا يسمي الله أعلم بالله من الله، قال تعالى: ﴿أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّه﴾ (٤)، وقال تعالى: ﴿وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً﴾ (٥)، وقال تعالى: ﴿وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ﴾ (٦)، وقال تعالى: ﴿فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً﴾ (٧)، فالله ﷿، هو الذي سمى ووصف نفسه بما جاء في نص كلامه الذي هو القرآن.

ولا يسمي ويصف الله بعد الله أعلم بالله من رسول الله ، الذي قال الله في حقه: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾ (٨)، ولقد جاءت


(١) الآية ١١ من سورة الشورى
(٢) منهاج السنة ٢/ ٥٢٣
(٣) معارج القبول ١/ ٣٣٠ - ٣٣١
(٤) الآية ١٤٠ من سورة البقرة.
(٥) الآية ١٢٢ من سورة النساء.
(٦) الآية ١٤ من سورة فاطر
(٧) الآية ٥٩ من سورة الفرقان
(٨) الآيتان ٣، ٤ من سورة النجم

<<  <  ج: ص:  >  >>