أي أن عامة هذه الشبهات التي يسمونها دلائل، إنما تقلدوا أكثرها عن طواغيت المشركين والصابئين، أو بعض ورثتهم الذين أمروا أن يكفروا بهم مثل فلان وفلان.
ولذلك لن تجد في كلامهم إلا قال الفضلاء، قال الحكماء، قال العقلاء، من هم الفضلاء ومن هم الحكماء ومن هم العقلاء؟ أمثال أرسطو وأفلاطون وإرسطاليس وفيثاغورس، وغيرهم فهؤلاء عندهم هم الفضلاء والعقلاء والحكماء، فلان وفلان من الفلاسفة الذين جعلوهم هم أهل الحكمة.
«أَوْ عَمَّنْ قَالَ كَقَوْلِهِمْ لِتَشَابُهِ قُلُوبِهِمْ، أي الذين ساروا على نهجهم كالفارابي وابن سينا وغيرهم، هؤلاء يأخذون عنهم مثل هذه القواعد والمسالك الفلسفية.
"قال الله تعالى: فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا"[النساء: ٦٥]، فإذاً الإيمان بحق أن يكون التحاكم إلى الوحي، وأن يكون هناك تسليم بهذا.
ولذلك ينبغي على الإنسان أن يضع هذه المسألة نصب عينيه، وأن لا تغيب عنه، فإذا رأى هذا الاختلاف القائم، فلا يكن عنده نوع حيرة أو اضطراب أو عدم فهم للمسألة في عمومها فيحتار ويضطرب، فلا مجال للحيرة أو للاضطراب؛ فهو إما أن يسلك هذا المنهج أو يسلك ذاك المنهج، فإما أن يكون في صف الكتاب