للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(٣٢) "وَلَازِمُ هَذِهِ الْمَقَالَةِ: أَنْ لَا يَكُونَ الْكِتَابُ هُدًى لِلنَّاسِ وَلَا بَيَانًا وَلَا شِفَاءً لِمَا فِي الصُّدُورِ وَلَا نُورًا وَلَا مَرَدًّا عِنْدَ التَّنَازُعِ لِأَنَّا نَعْلَمُ بِالِاضْطِرَارِ أَنَّ مَا يَقُولُهُ هَؤُلَاءِ الْمُتَكَلِّفُونَ: إنَّهُ الْحَقُّ الَّذِي يَجِبُ اعْتِقَادُهُ: لَمْ يَدُلْ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ لَا نَصًّا وَلَا ظَاهِرًا. "

عاد المصنف إلى قولهم، فقال: "وَلَازِمُ هَذِهِ الْمَقَالَةِ: أَنْ لَا يَكُونَ الْكِتَابُ هُدًى لِلنَّاسِ وَلَا بَيَانًا وَلَا شِفَاءً لِمَا فِي الصُّدُورِ"، ألم يقل : ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ) [البقرة: ٢]؟ ألم يقل : ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا) [الإسراء: ٩]؟ فبالتالي لماذا ينظر في هذه المسائل؟

فلا زال المُصَنِّف يؤكد على هذه القضية، ولا ينبغي أن يسأم الإنسان من سماعها أو تكرارها؛ لأنها هي منشأ الخلاف، وإن كُرِّرت أو تردَّدت على أسماعه كثيراً، ولا ينبغي أن تغيب لحظة عنه عند دراسة هذه المسائل.

لأنه أحياناً قد تأتي شُبَهٌ يلقيها هؤلاء، فهذه الشُبَهُ كما قيل، «الشبهة» في أصلها هي اشتباه الحق بالباطل، فالإنسان عند شبهة معينة قد يقع لديه اضطراب وعدم وضوح وعدم معرفة للرد على هذه الشبهة، فلابد هنا أن يلجأ إلى الأصل وهو أن يعود إلى أن الخلاف إنما هو في أصل هذا الدين وليس في مسألة فرعية، وهو في أصلٍ كبير ألا وهو تقديم الكتاب والسنة أو تقديم العقل؟

فقد يلقون من الشُبه ما يلقون، فمثلاً يقول بعضهم: «إن لو أثبتنا الاستواء للزم من ذلك من التحيز» (١)، ولزم أن الله سبحانه محصور في مكان أو غير ذلك من هذه العبارات، فهذه شبه قد لا يعرف البعض جوابها، فلا يعني هذا أنك تسقط من أول وهلة أو تضطرب قدماك في هذه الأمور وتبدأ تشك في الحق.


(١) انظر مجموع الفتاوى لابن تيمية الجزء الخامس صفحة (٢٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>