للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

النعمان بن ثابت الكوفي أبو حنيفة، وحذر منه إمام أهل الشرق عبد الله بن المبارك الحنظلي، فسلط الله عليه وعلى من استتبع واخترع، سيفاً من سيوف الإسلام وهو أبوبكر أيوب بن أبي تميمة السختياني، فهتك استاره، وأظهر عواره، ورسمه باللعنة وألحق به بلاء تلك الفتنة) (١).

ونفاة القدر أرادوا منازعة الله في الربوبية فضاهوا بذلك المجوسية الأولى وهم الزنادقة. (٢)

وأصل بدعة القدرية كانت من عجز عقولهم عن الإيمان بقدر الله والإيمان بأمره ونهيه ووعده ووعيده، وظنوا أن ذلك ممتنع؛ وكانوا قد آمنوا بدين الله وآمره ونهيه ووعده ووعيده، وظنوا أنه إذا كان كذلك لم يكن قد علم قبل الأمر من يطيع ومن يعصي، لأنهم ظنوا أن من علم ما سيكون لم يحسن منه أن يأمر وهو يعلم أن المأمور يعصيه، وظنوا أيضاً أنه إذا علم أنهم يفسدون لم يحسن أن يخلق من يفسد.

فلما بلغ قولهم بإنكار القدر الصحابة أنكروه إنكاراً عظيماً وتبرؤا منهم. ثم كثر الخوض في القدر فصار مقتصدوهم وجمهورهم يقرون بالقدر السابق وبالكتاب المتقدم، وصار النزاع في الإرادة وخلق أفعال العباد فصاروا في ذلك حزبين:

١ - "النفاة": يقولون لا إرادة إلا بمعنى المشيئة، وهو لم يرد إلا ما أمر به، ولم يخلق شيئاً من أفعال العباد.

٢ - "المجبرة" كالجهم بن صفوان وأمثاله، قابلوا الفريق الأول فقالوا ليست الإرادة إلا بمعنى المشيئة، والأمر والنهي لا يستلزم إرادة، وقالوا العبد لا فعل له البتة ولا قدرة، بل الله هو الفاعل القادر فقط. (٣)

مقالة المعتزلة

ثم أحدثت المعتزلة القول بالمنزلة بين المنزلتين وقالوا بإنفاذ الوعيد وخلود أهل التوحيد في النار، وأن النار لا يخرج منها من دخلها. (٤)

وكانت "الخوارج" قد تكلموا في تكفير أهل الذنوب من أهل القبلة، وقالوا: "إنهم كفار مخلدون في النار، فخاض الناس في ذلك (٥) وخاض في ذلك المعتزلة


(١) ذم الكلام ص ٣٠٣.
(٢) ذم الكلام ص ٣٠٥.
(٣) مجموع الفتاوى ١٣/ ٣٦، ٣٧.
(٤) كتاب الحسنة والسيئة ص ١٠٣.
(٥) مجموع الفتاوى ١٣/ ٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>