للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإن من أعظم الظلم والبهتان أن ينكر الرجل ما تواتر به النقل وامتلأت به الكتب، وشاع بين الخاص والعام. وحري بهذا المؤلف وأمثاله أن لا يخوضوا في هذه المسائل وهم يعلمون أن الأئمة الكبار قد تلقوا ذلك بالقبول ولم يرد منهم اعتراض يذكر لا من قريب أو بعيد.

الشبهة الثانية:

قال المؤلف ثانياً: ترجمة خالد بن عبد الله القسري مظلمة، وفيها ما يفيد أنه كان ظالماً، ولذا قال الذهبي في "السير" (٥/ ٤٣٢) عقب القصة: "قلت: هذه من حسناته"!. انتهى كلامه.

قلت: المؤلف متناقض في مواقفه ويكيل بمكيالين ويزن بميزانين، فهو في قصة قتل الجعد يريد تطبيق شروط المحدثين في ثبوت الحديث المرفوع على قصة تاريخية. وهنا في سيرة خالد القسري أصدر حكماً بأنها مظلمة دون أن يحقق في أسانيد سيرته أو أن يُفصل شيئا من ذلك وهذا الغمز في هذه القصة من هذا الوجه لم يكن المؤلف أول من طعن في ذلك بل هو مجارٍ لغيره فيه.

فمن قبله جمال القاسمي في كتابه تاريخ الجهمية والمعتزلة (١) الذي نقل خليطاً من الروايات في الطعن في خالد بن عبد الله القسري بأنه جعل الولاية للنصارى والمجوس على المسلمين، وأنه كان ناصبياً يبغض علياً ، وأن الإسلام كان في عهده ذليلاً، وأحال من أراد استيفاء أحواله وأخباره إلى كتاب الأغاني للأصفهاني الشيعي (٢)

ولنا مع كلام المؤلف وكلام القاسمي وقفات:

الوقفة الأولى: زعْمُ المؤلف بأن ترجمة القسري مظلمة وكذا التهم التي ذكرها القاسمي، على فرض صحتها، لا تطعن في صحة القصة، فلو قرأ المؤلف ومن قبله القاسمي التاريخ بتأمل لعلموا أن صاحب القرار في إعدام وقتل الجعد هو هشام بن عبد الملك، فالفضل يعود إليه في المقام الأول فلو اعتمدنا رواية ابن الأثير للقصة، لعلمنا أن هشاماً هو الذي قبض على الجعد وأرسله إلى خالد القسري وأن خالداً القسري اكتفى بحبسه ولم ينفذ أمر القتل وأن هشاماً أرسل إلى خالد يلومه ويعزم عليه بقتله. قال ابن الأثير: (وقيل إن الجعد بن درهم أظهر مقالته بخلق القرآن أيام


(١) -تاريخ الجهمية والمعتزلة ص ٣٨ - ٤٢.
(٢) -انظر كتاب السيف اليماني في نحر الأصفهاني صاحب الأغاني لوليد الأعظمي.

<<  <  ج: ص:  >  >>