للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويقتصرون على وصفه بالصفات السلبية أو الإضافية أو المركبة منهما.

والجعد أول من أحدث ذلك في الإسلام، وقد كان أسبق من الجهم ابن صفوان، ولكن الجهم كان له في هذه البدعة مزية المبالغة في النفي وكثرة إظهار ذلك والدعوة إليه ولذلك اشتهر نسبة هذه المقالة إليه (١)

فقيل مقالة الجهمية، ولم يقل مقالة الجعدية.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وهاتان الصفتان -أي كلامه ورضاه الذي يتضمن محبته ومشيئته-هما اللتان أنكرهما الجعد بن درهم أول الجهمية، لما زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلاً، إذ لا محبة له ولا رضا؛ ولم يكلم موسى تكليما) (٢)

٢ - إنكاره أن الله يتكلم حقيقة، وهذا إنكار لحقيقة الرسالة. (٣)

فالصابئة المتفلسفة شيوخ الجعد لا يثبتون وجود الله على الحقيقة فضلاً أن يثبتوا له صفة الكلام، ولذلك هم يقولون: (إن الله ليس له كلام في الحقيقة، وإن كلام الله اسم لما يفيض على قلب النبي من "العقل الفعال" أو غيره. و"ملائكة الله" اسم لما يتشكل في نفسه من الصور النورانية ولهذا يقول هؤلاء إن خاصية النبي التخييل (٤)، وإن ما جاء به النبي ليس كلامًا لله على الحقيقة، وإنما هو تخييل للحقائق لينتفع به الجمهور، لا أنه بين به الحق، ولا هدى به الخلق ولا أوضح به الحقائق (٥).

فأراد الجعد بذلك هدم الأصل الثاني من أصلي الدين الذي هو الإيمان بالنبي ورسالته. وذلك من خلال إنكاره لكلام الله المستلزم لإنكار حقيقة الرسالة، وقد تجلت بدعته هذه في قوله بخلق القرآن فهو أول من تكلم به.

قال الهروي: (وأما الذين قالوا بإنكار الكلام لله ﷿، فأرادوا إبطال الكل، فإن الله على زعمهم الكاذب إذا لم يكن متكلماً، بطل الوحي، وارتفع الأمر والنهي وذهبت الملة، فلا يكون جبريل سمع ما بلغ، ولا الرسول أخذ ما أنفذ. فبطُلَ التسليم والسمع والتقليد، ويبقى المعقول الذي به قاموا.) (٦)

٣ - إنكاره محبة الله لأحد من عباده، وبالتالي أنكر أن الله اتخذ إبراهيم خليلاً، وهو يريد بذلك الطعن في نبي الله إبراهيم الخليل إمام الحنفاء، ولا غرابة في


(١) لوامع الأنوار البهية ١/ ١٦٣، ١٦٤ "بتصرف"
(٢) الاستقامة ١/ ٢١٥.
(٣) مجموع الفتاوى ١٢/ ٣٥٠
(٤) مجموع الفتاوى ١٢/ ٣٥١، ٣٥٢.
(٥) ذم الكلام ص ٣٠٦.
(٦) ذم الكلام ص ٣٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>