للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حفص إلى البصرة، رجع جهم إلى قول الباطل» (١).

وقد ثبت أن الجهم خالف أهل السنة في مسائل كثيرة، أوصلها الإمام أحمد إلى سبعين مسألة. نقل الخلال عن إسحاق بن عيسى البار أنه قال: «قدم علينا رجل من صور، معرف بالصوري، متكلم، حسن الهيئة كأنه راهب، فأعجبنا أمره، ثم إنما لقي سائل فجعل يقول لنا: الإيمان مخلوق، والزكاة مخلوق، والحج مخلوق، والجهاد مخلوق. فجعلنا لا ندري ما نرد عليه، فأتينا عبد الواهب الوراق، فقصصنا عليه أمره، فقال: ما أدري ما هذا؟ ائتوا أبا عبد الله أحمد بن حنبل، فإنه جهبذ هذا الأمر.

قال: فأتينا أبا عبد الله، فأخبرناه بما أخبرنا عبد الوهاب من المسائل التي ألقاها علينا. فقال لنا أبو عبد الله: «هذه مسائل الجهم بن صفوان، وهي سبعون مسألة، اذهبوا فاطردوا هذا من عندكم (٢).

إذا ثبت أن الجهم ابتدع أقوالا كثيرة، ولكن الذي وصلنا منه أقل من هذا بكثير، ولله تعالى حكم بالغة في ذلك، والله أعلى وأعلم.

ومما نعرف عنه أنه كان رجلا فصيحاً، فعن مقاتل أنه قال في الجهم: إنما كان رجلا أعطي لسانا (٣).

ونقل اللالكائي عن كتاب ابن أبي حاتم عن أبي معاذ خلف بن سليمان البلخي أنه قال: «كان جهم على معبر ترمذ، وكان رجلا كوفي الأصل، فصيح اللسان» (٤).

وقال أيوب بن أبي تميمة: «كان جهم فيما بلغنا لا يعرف بفقه ولا ورع ولا صلاح، أعطي لسانا منكراً فكان يجادل ويقول برأيه» (٥).

ووصفه غير واحد من أهل العلم بأنه كان ذا أدب ونظر وذكاء وفكر وجدال ومراء (٦).


(١) فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة للقاضي عبد الجبار (ص ١٩٣)، والمنية والأمل لابن المرتضى (ص ١٩).
(٢) انظر: السنة (٥/ ٩٣)
(٣) الرد على الجهمية لابن بطة (٢/ ٩٠)، ومسائل أحمد لأبي دواد (ص ٢٦٩).
(٤) شرح أصول الاعتقاد (٣/ ٤٢٤).
(٥) ذكره شيخ الإسلام في التسعينية (١/ ٢٤٠).
(٦) الوافي بالوفيات للصفدي (١١/ ١٦٠ - ١٦١)، وتاريخ الإسلام للذهبي (حوادث سنة ١٢١ - ١٤٠ هـ، ص ٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>