للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أخت لبيد بن الأعصم، وأخذها طالوت من لبيد بن الأعصم اليهودي، واليهود معروف عنهم موقفهم من الله تعالى في أسمائه وصفاته، فهم في جانب الصفات تنقَّصوا الله ﷿ ووصفوه بالبخل، ووصفوه بالتعب، ووصفوه بصفات نزَّه الله تعالى نفسه عنها في كتابه: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ﴾ [المائدة: ٦٤].

فإذًا هذا موقف اليهود من الصفات، اليهود يسمُّون الإله يهوى، يقولون عنه: يهوى، وأصل هذه الكلمة استفهام، تعني، ما هو، لأنهم لا يثبتون لله اسما، فمن مقالاتهم إنكار الأسماء لله .

فحاول اليهود بثُّ هذا الفكر الذي عندهم، لأن من اليهود من لا يثبت اسماً لله تعالى إلا على سبيل الاستفهام، يعني ما هو. فهذا مأخذ كلمة يهوى عندهم، فيهوى يعني الإله، فهي أصلها استفهام، ما هو؟

فما يجعلون له اسما، فبالتالي ظهرت هذه المقالة من هذا الأمر الذي هو موجود عند اليهود، ومعروف في عقائدهم وتاريخهم، ومن يقرأ في عقائد اليهود في هذه الجوانب يعرف أن لهم صلة وعلاقة وثيقة بظهور هذه المقالة، وقد أشار هنا إلى شيء من أصولها. فلبيد ابن الأعصم اختُلِف، هل هو من اليهود أو حليفٌ لليهود؟ والخلاف في هذا مبثوث في كتب أهل العلم، فالشاهد أن هذا هو أصل المقالة من جهة المشرب اليهودي. فهنا قال المصنف: "إنما هو مأخوذ من تلامذة اليهود".

وأما المشرب الثاني: وهو المشرب الصابئ: فهو ما أشار إليه المصنف فقال: "وكَانَ الْجَعْدُ بْنُ دِرْهَمٍ هَذَا -فِيمَا قِيلَ-مِنْ أَهْلِ حَرَّانَ وَكَانَ فِيهِمْ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنْ الصَّابِئَةِ وَالْفَلَاسِفَةِ" فقيل إنه من أهل حران، وقيل: أنه دخل حران، وحران بلد الصابئة، بقايا دين النمرود، فما زال في حران إلى ذلك الوقت كثير من الصابئة والفلاسفة، بقايا أهل دين النمرود الكنعانيين، ونعرف أن إبراهيم دعا النمرود ودعا قومه إلى الإسلام، وكانوا -أي هؤلاء-يبنون الهياكل، ويعبدون الكواكب.

فكان لهؤلاء يعني خطَّان: خط فلسفي، وخط وثني يتخذ من الهياكل أماكن للعبادة، فهناك هيكل للقمر، وهيكل للشمس، وهيكل للزهرة، وهيكل … هكذا للكواكب، كانوا يعبدون تلك الكواكب. فقال المصنف: "بَقَايَا أَهْلِ دِينِ نمرود والكنعانيين الَّذِينَ صَنَّفَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي سِحْرِهِمْ" ولعله يشير إلى ما نسب إلى الرازي من تصنيفه كتابًا في ذلك، وهو كتاب مشهور ومعروف إلى يومنا هذا،

<<  <  ج: ص:  >  >>