للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويمكن تقسيم موقف الخلفاء العباسيين إلى ثلاثة أقسام:

القسم الأول: زمن السفاح وأبو جعفر المنصور وهارون الرشيد والهادي والمهدي.

فقد كان زمن السفاح وأبو جعفر المنصور زمن تأسيس فلم يظهر فيه شيء يذكر، وهكذا هارون الرشيد كانت لهم مواقف محمودة في حرب أهل البدع، وهكذا الهادي والمهدي.

القسم الثاني: زمن المأمون، والمعتصم، والواثق.

فالمأمون، والمعتصم، والواثق هؤلاء كانوا مناصرين لأهل البدع، وكان المأمون أول من انتصر لأهل البدع، وجعل السلطة بأيديهم.

القسم الثالث: زمن المتوكل.

إلى أن جاء المتوكل فأعاد الأمور إلى نصابها، ونصر أهل السنة وقمع البدع.

والتاريخ يحتاج إلى من يتأمل فيه، حتى يتبين للناس كيف هي مواقف الخلفاء والأمراء من البدع وأهلها، فبنو العباس كان منهم من هو مناصر للسنة، وكان منهم من هو مناصر لأهل البدع والأهواء.

لكن أول تمكُّن لهؤلاء هو في زمن المأمون، فقد التقى بهم المأمون في المشرق، وهناك أقنعوه بمقالتهم، وكتب من المشرق من طرسوس إلى واليه وعامله في بغداد يأمره فيه أن يمتحن الناس بمسألة القول بخلق القرآن، فامتحنهم في ذلك وكان ما كان من فتنة القول بخلق القرآن، وعُذِّب في ذلك من عُذِّب، وأوذي من أوذي، وصبر من صبر في ذلك، وهي مسألة القول بخلق القرآن. واستمرت هذه المعاضدة بعد المأمون، إلى عصر المعتصم، والواثق إلى أن جاء المتوكل فوقف في وجه هؤلاء، وأعاد الحق إلى أهل السنة، وأعاد دولة السنة.

فكان قاضي القضاة في عهد المأمون، وفي عهد المعتصم والواثق أحمد بن أبي دؤاد، هذا كان كما يسمَّى اليوم منصب وزير العدل، أي قاضي القضاة، وبالتالي كان له منصب عال عند بني العباس، وعند المأمون، وعند الواثق، وعند المعتصم، عند هؤلاء الثلاثة، إلى أن جاء المتوكل فأبعده عن هذا المنصب وأعاد الحق إلى أهل السنة، وبعد ذلك ظهر قول أهل السنة ولكن بعد امتحان عصيب في هذه المسألة.

وانفسح المجال لأهل السنة أن يرفعوا صوتهم عالياً بمعتقدهم، وتثبيت أركانه، وتشييد بنيانه، ومواجهة أهل البدع وأقوالهم بالنقض والرد، وكشف عوارهم، وبيان

<<  <  ج: ص:  >  >>