للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مجتمع جاهل بالتوحيد جاهل بالسنة، حتى إن السنة لو فعلت لحوربت، فأميتت السنة وأحييت البدعة، وهذا هو الواقع، فإذا جئت تدعوهم إلى هذه الأمور حاربوك، وكما قيل: من جهل شيئًا عاداه.

فلا تتخيل أن الخلاف بين الأشاعرة وأهل السنة خلاف طفيف أو سطحي أو بسيط بل خلاف في العمق والأصل.

تعال إلى مسألة الإيمان، فما الإيمان عند الأشاعرة وما الإيمان عند أهل السنة؟ فالإيمان عند أهل السنة اعتقاد وقول وعمل يزيد وينقص، وأما عند الأشاعرة فإن الإيمان هو التصديق، وهذه عودة للقضية الفلسفية، فهذا الإرجاء ناتج عن هذا الفكر.

والمرجئة هم الجهمية والأشاعرة والماتريدية والكرامية والكلابية، وكذلك يعدون مرجئة الفقهاء، فتجد أن الفرق التي ذكرنا وهي الخمس كلها تميل إلى الناحية الفلسفية، فهذا الفكر الفلسفي يحصر هذه القضايا في إطار محدود ضيق وهو الإطار النظري، وبالتالي عندما يعلم ويعرف أبناء هذه الأمة أن الإيمان هو التصديق ينشأ عن هذا إيمان قاصر ناقص في النفوس، فلذلك تلاحظ أن التطبيق ضعيف؛ وانظر هذا في واقع تلك المجتمعات، فإما أن يأخذ التطبيق من منهج صوفي مليء بالبدع والخرافات، أو ينشأ على أنه فقط عَرَف الله وصدَّق برسول الله فهذا هو المطلوب على حد زعمه.

فتجد الواحد إذا أراد التديُّن وأراد العمل والتطبيق يلجأ إلى الصوفية، فلا يجد في الأشعرية ما يحفزه إلى العمل والتطبيق؛ لأن فاقد الشيء لا يعطيه، وإنما إذا أراد التديُّن فإن في مخيلته أن التديُّن والعمل لا يأتي إلا من طريق الصوفية، فيقع في أحضان البدعة والخرافة أو يبقى تحت هذا الفكر وتحت سيطرته فيرى أن هذه المسائل والقضايا هي تصديقية وليست قضايا عملية، وهذا واقع أو ليس واقع؟ وبالتالي من يشكو ويندب حال تلك المجتمعات المسلمة وأنها مجتمعات لا تمتثل الإسلام امتثالًا صحيحًا، فلا تقيم شعائر الله

من أكثر العوامل التي أدت إلى ذلك هو تطبيق هذه المناهج، فترى الواحد منهم لا يعرف من العمل إلا ما يعرفه من خلال التصوُّف المنحرف الذي يجعله نابذًا للدنيا منسلخًا منها معتكفًا في زاويته أو في خلوته، ويعيش ويتكفف الناس ويسألهم رزقه وقوته في ذلك اليوم.

<<  <  ج: ص:  >  >>