للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(٥٢) "فَإِذَا كَانَ أَصْلُ هَذِهِ الْمَقَالَةِ -مَقَالَةِ التَّعْطِيلِ وَالتَّأْوِيلِ-مَأْخُوذًا عَنْ تَلَامِذَةِ الْمُشْرِكِينَ وَالصَّابِئِينَ وَالْيَهُودِ فَكَيْفَ تَطِيبُ نَفْسُ مُؤْمِنٍ -بَلْ نَفْسُ عَاقِلٍ-أَنْ يَأْخُذَ سَبِيلَ هَؤُلَاءِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ أَوْ الضَّالِّينَ وَيَدَعَ سَبِيلَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ؟ "

خلاصة ما يريد أن يقرِّره شيخ الإسلام في هذه المقدمة، أن أصل مقالة القوم هي مقالة المشركين والصابئة واليهود، وهي هي نفس مقالة الجّهْميَّة التي تصدَّى لها السلف، فكيف تطيب نفس مؤمن، بل نفس عاقل أن يأخذ سبيل هؤلاء المغضوب عليهم والضالين ويدع سبيل الذين أنعم الله عليهم من النبيِّين والصدِّيقين والشُّهداء والصَّالحين؟ كيف تطيب نفسك بعدها؟ وكيف يقبل العاقل أن يسير على نهج هؤلاء ويترك نهج الأنبياء والمرسلين ونهج الصالحين من أئمة السلف.

فمثل هذا أراد المصنف أن يبيِّنَهُ قبل الخوض في هذه المسألة؛ أي في مسألة الصفات، والعاقل الذي يتجرَّد عن الهوى ومراده أن يكون محقِّقاً لأمر الله ﷿ ولشرع الله تعالى ومصدِّقاً لما أخبر الله تعالى به في كتابه وعلى لسان رسوله ويريد الاتباع، فإن عليه أن يعرف أين الحق في هذا الباب ويعرف كيف يسلك في هذا الباب؛ لأن الاختلاف حاصل وقائم، وعلى الإنسان أن يميز بين الحق والباطل.

وأقول هنا: هذا الأمر يدركه من كان أقل الناس علماً، صنف يقول: «الكتاب والسنة وفهم سلف الأمة»، وصنف يقول - كما ترى وكما سمعت - يقول بالمعقولات، فبعد هذا في أي الصفين ومع أي الفريقين تكون؟

والله تعالى سيسألنا عن هذا الأمر، وقد استحفظنا هذا الدين، فطلبة العلم هم ورثة الأنبياء، وهذا الدين كما كان أمانة بأيدي الرسل والأنبياء، وكما كان أمانة بأيدي سلف الأمة رضوان الله عليهم، فهو الآن بين أيدينا، فإما أن ندعو للحق ونكون من أنصاره ومن أتباعه، وإما أن ندعو إلى الباطل ونكون من حزب هذا الباطل.

والله ﷿ وليُّ كل إنسان بما يعلم وبما يعمل، وسيجازي المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته.

<<  <  ج: ص:  >  >>