للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فمن أعطى حبه وذله وخضوعه لغير الله فقد شبهه في خالص حقه.

فإذا عرف هذا، فمن خصائص الإلهية السجود، فمن سجد لغيره فقد شبه المخلوق به.

ومنها التوكل، فمن توكل على غيره فقد شبهه به.

ومنها التوبة، فمن تاب لغيره فقد شبهه به.

ومنها الحلف باسمه تعظيماً وإجلالاً له، فمن حلف بغيره فقد شبهه به (١).

القسم الثاني: التشبه به، ومثاله:

من دعا الناس إلى تعليق القلب به خوفاً، ورجاءً، وتوكلاً، والتجاءً، واستعانةً (٢)، كما يفعله بعض مشايخ طرق الصوفية مع مريديهم.

أقسام التمثيل في باب الأسماء والصفات:

ينقسم التمثيل في باب الأسماء والصفات إلى قسمين:

القسم الأول: تمثيل المخلوق بالخالق.

وهذا ما زعمه النصارى في شأن عيسى إذ أعطوه خصائص الخالق ﷿ وجعلوه إلهاً.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "والنصارى يصفون المخلوق بصفات الخالق التي يختص بها، ويشبهون المخلوق بالخالق، حيث قالوا: إن الله هو المسيح بن مريم، وإن الله ثالث ثلاثة، وقالوا المسيح ابن الله" (٣).

ومن هذا القسم كذلك السبيئة (٤) من غلاة الروافض: الذين شبهوا علياً بالله، وجعلوه إلهاً، وقالوا: أنت الله حتى حرقهم، فإنه خرج ذات يوم فسجدوا له. فقال لهم: ما هذا؟ فقالوا: أنت هو. قال: من أنا؟ قالوا: أنت الله الذي لا إله إلا هو.

فقال: ويحكم هذا كفر، فارجعوا عنه، وإلا ضربت أعناقكم، فصنعوا به في اليوم الثاني والثالث كذلك، فأخرهم ثلاثة أيام -لأن المرتد يستتاب ثلاثة أيام-فلما لم


(١) انظر الجواب الكافي (ص ١٦٠ - ١٦١).
(٢) المصدر السابق (ص ١٦١).
(٣) منهاج السنة (٥/ ١٦٩).
(٤) السبيئة: نسبة إلى عبد الله بن سبأ اليهودي، الذي أظهر الإسلام، وكاد للمسلمين كيداً عظيماً، وهو الذي قال لعلي: أنت الله. انظر: الفرق بين الفرق (ص ٢٣٣)، والملل والنحل (١/ ١٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>