للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال ابن كثير عند تفسير هذه الآية: "هذه أكبر نعم الله تعالى على هذه الأمة حيث أكمل تعالى لهم دينهم فلا يحتاجون إلى دين غيره ولا إلى نبي غير نبيهم صلوات الله وسلامه عليه، ولهذا جعله الله تعالى خاتم الأنبياء وبعثه إلى الإنس والجن … " (١).

فمن تمام نعمة الله على هذه الأمة أن أكمل لهم دينهم فلا ينقصه أبدا، ولا يحتاج إلى زيادة أبدا، واقترن هذا الإكمال برضاه سبحانه بأن يكون هذا الدين الكامل دينا نتعبده به، قال تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً﴾.

وهذه الآية دليل على كمال الدين وحيا من الله، وتبليغا من رسوله ، ولقد نزلت هذه الآية الكريمة والنبي واقف بعرفات في حجة الوداع، وعاش النبي بعد نزولها إحدى وثمانين ليلة.

وهي شهادة من الله تعالى لنبيه على تبليغه لما أرسله به أتم تبليغ وأكمله وبذلك جعله الله خاتم النبيين، لأن الخلق بعد هذا لن يحتاجوا إلى نبي غير نبيهم ليكمل لهم دينهم، كما أنهم لا يحتاجون إلى دين آخر وذلك لكمال دينهم.

ووجه الدلالة من الآية على ذلك "أن الله أخبر في هذه الآية بأنه قد أكمل الدين، وإنما كمل بما بلغه، إذ الدين لم يعرف إلا بتبليغه، فعلم من ذلك أنه قد بلغ جميع الدين الذي شرعه الله لعباده" (٢).

وما كان من النبي بعد نزول هذه الآية الكريمة إلا أن استشهد الناس على ذلك في نفس المناسبة التي نزلت فيها الآية.

• فعن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله : "تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به، كتاب الله، وأنتم تسألون عني فما أنتم قائلون؟ ".

قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت. فقال بأصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس: "اللهم اشهد اللهم اشهد ثلاث مرات … " الحديث (٣).

فشهد له خير قرون هذه الأمة وهم صحابته رضوان الله عليهم وكانوا في ذلك الموقف نحوا من أربعين ألفا (٤).


(١) تفسير ابن كثير (٢/ ١٢).
(٢) مجموع الفتاوى (٥/ ١٥٥، ١٥٦) بتصرف.
(٣) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الحج، باب حجة النبي (٤/ ٤١).
(٤) تفسير ابن كثير (٢/ ٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>