للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"فقد امتدح الله في هذه الآية الذين يبلغون رسالته إلى خلقه ويؤدونها بأماناتها ولا يخافون أحدا سواه، فلا تمنعهم سطوة أحد إبلاغ رسالات الله، وسيد الناس في هذا المقام بل وفي كل مقام محمد رسول الله فإنه قام بأداء الرسالة وإبلاغها إلى أهل المشارق والمغارب وإلى جميع أنواع بني آدم، وأظهر الله كلمته ودينه وشرعه على جميع الأديان والشرائع" (١).

ولقد أيد الله رسوله محمدا بكل ما يلزم لتبليغ وحي الله وشرعه، فأعطاه العصمة في التبليغ

• فقال تعالى ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾ (٢)،

فهذه الآية دليل واضح على عصمته في كل أمر بلغه عن ربه ، كما أنها شهادة وتزكية من الله لنبيه على سلامة شرعه الذي أوحاه إليه من كل ما ينقص منه.

• وقال : "إذا حدثتكم عن الله شيئا فخذوا به فإني لن أكذب على الله" (٣)

وبالإضافة إلى عصمته في أمر التبليغ فقد عصمه الله كذلك من الناس حتى يتم له أمر إبلاغ هذا الدين وإكماله.

• قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاس﴾ فاقترن تعهد الله بعصمة رسوله من قتل الناس وإيذائهم له مع الأمر للنبي بتبليغ ما أنزل إليه، وفى هذا الاقتران دليل جلي على أن عصمة الله تعالى وحفظه ونصره وتأييده على أعدائه قد صاحبت النبي حتى تم له إبلاغ هذا الدين ونشره بين الناس.

ومع عصمة الله لنبيه في التبليغ، وعصمته من الناس، فكذلك عصم الله كتابه الذي أنزله إليه ليكون محفوظا من كل تحريف أو تغيير

• قال تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ (٤).

كما تعهد كذلك بحفظ هذا الدين وإبقاء طائفة في كل زمان من الأزمنة تنصر هذا الدين وتحفظه وتبلغه، كما جاء عن النبي ،

• وفي الحديث: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من


(١) تفسير ابن كثير (٣/ ٤٩٢) بتصرف.
(٢) الآيتان (٣، ٤) من سورة النجم.
(٣) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الفضائل: باب وجوب امتثال ما قاله شرعا (٧/ ٩٥).
(٤) الآية (٩) من سورة الحجر.

<<  <  ج: ص:  >  >>