للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تزكية النفس.

ومنهم من يقول: هي فقط للعوام وليست للخواص، ولذلك ترسخ هذا الفكر عند بعض الناس فترى أنه لا يصلي ولا يصوم ويزعم أنه مسلم لأنه يرى هذه النظرة أن الصلاة والزكاة لطائفة دون طائفة أخرى.

فإذاً في العمليات كالصلاة والصوم والزكاة والحج، منهم من يقول: تبقى على ما هي عليه لأنها من سبيل الرياضات النفسية، فالنفس تتروَّض بمثل ذلك وتزكو فلا مانع من بقائها على ما هي عليه، ومنهم من يجريها هذا المجرى ويقول: إنما يؤمر بها بعض الناس دون بعض، ويؤمر بها العامة دون الخاصة، فهذه طريقة الباطنية الملاحدة والإسماعيلية ونحوهم.

قال ابن تيمية: "وكان لهؤلاء الفلاسفة أقوال فاسدة تلقوها من أسلافهم الفلاسفة، ولما رأوا أن ما تواتر عن الرسل يخالفها، سلكوا طريقهم الباطنية فقالوا: إن الرسل لم تبين العلم والحقائق التي يقوم عليها البرهان في الأمور العلمية، ثم منهم من قال: إن الرسل علمت ذلك وما بينته، ومنهم من يقول: إنها لم تعلمه وإنما كانوا بارعين في الحكمة العملية دون الحكمة العلمية، ولكن خاطبوا الجمهور بخطاب تخييلي، خيلت لهم في أمر الإيمان بالله واليوم الآخر ما ينفعهم اعتقاده في سياستهم، وإن كان ذلك اعتقاداً باطلاً لا يطابق الحقائق.

وهم يقرون بالعبادات، ولكن يقولون مقصودها إصلاح أخلاق النفس، وقد يقولون إنها تسقط عن الخاصة العارفين بالحقائق فكانت بدعة أولئك المتكلمين مما أعانت إلحاد هؤلاء الملحدين" (١)

فهذا الفريق هذا شأنه مع النصوص، طعن في النصوص وطعن في علم الرسول ، وطعن في إرادته وطعن في قدرته؛ وهذا قولهم في الجملة.

أما قولهم في باب أسماء وصفات الله تفصيلاً فغلاة المعطلة يمنعون الإثبات بأي حال من الأحوال ولهم في النفي درجات:

الدرجة الأولى: درجة المكذبة النفاة.

وهي التي عليها الجهمية وطائفة من الفلاسفة (٢) وهو كذلك قول ابن سينا وأمثاله. (٣).

فهم يصفون الله بالصفات السلبية على وجه التفصيل ولا يثبتون له إلا وجوداً


(١) -منهاج السنة ١/ ٣٢١، ٣٢٢. «بتصرف»
(٢) -مجموع الفتاوى ٣/ ٧ - ٨.
(٣) -الصفدية ١/ ٢٩٩، ٣٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>