للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كما أنهم شاركوا الروافض في الطعن في أصحاب النبي ، فقد كان من كلام واصل بن عطاء في أهل صفين قوله: "إن كليهما فاسق لا بعين" وقوله عن علي ومعاوية : "لو أن كليهما جاء عندي يشهد على حزمة بقل ما قبلت شهادتهما"، وأواخر المعتزلة كانوا أقرب إلى التشيع.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وقدماء الشيعة كانوا مخالفين للمعتزلة بذلك (يعني مسائل الصفات والقدر)، فأما متأخروهم من عهد بني بويه ونحوهم من أوائل المائة الرابعة ونحو ذلك، فإنهم صار فيهم من يوافق المعتزلة في توحيدهم وعدلهم، والمعتزلة شيوخ هؤلاء إلى ما يوجد في كلام ابن النعمان المفيد وصاحبيه أبي جعفر الطوسي، والملقب بالمرتضى ونحوهم هو من كلام المعتزلة، وصار حينئذ في المعتزلة من يميل إلى نوع من التشيع إما تسوية علي بالخليفتين، وإما تفضيله عليهما، وإما الطعن في عثمان، وإن كانت المعتزلة لم تختلف في إمامة أبي بكر وعمر.

وقدماء المعتزلة كعمرو بن عبيد وذويه كانوا منحرفين عن علي حتى كانوا يقولون: لو شهد هو وواحد من مقاتليه شهادة لم نقبلها، لأنه قد فسق أحدهما لا بعينه. فهذا الذي عليه متأخرو الشيعة والمعتزلة خلاف ما عليه أئمة الطائفتين وقدماؤهم" (١).

كما أخذوا عن الشيعة الرافضة أكثر آرائهم الخاصة بالإمامة.

وعلى هذا فأفكار المعتزلة إنما هي خليط من آراء الفرق المخالفة في عصرهم.

وأفكار المعتزلة يحملها اليوم كل من: الرافضة الإمامية، والزيدية، والإباضية، وكذلك من يسمون بالعقلانيين.

فالمعتزلة ومعهم النجارية والضرارية والرافضة الإمامية والزيدية والإباضية وغيرهم. وهؤلاء مشتركون مع الجهمية والفلاسفة في نفي الصفات (٢) وإن كان بين الفلاسفة والمعتزلة نوع فرق (٣) فالمعتزلة تجمع على غاية واحدة وهي نفي إثبات الصفات حقيقة في الذات ومتميزة عنها. ولكنهم سلكوا طريقين في موقفهم من الصفات.

الطريق الأول: الذي عليه أغلبيتهم وهو نفيها صراحة فقالوا: إن الله عالم بذاته لا بعلم وهكذا في باقي الصفات.


(١) نقض تأسيس الجهمية (١/ ٥٤ - ٥٥).
(٢) -مجموع الفتاوى ١٣/ ١٣١.
(٣) -مجموع الفتاوى ٦/ ٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>