للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومن تأثر بهم من الحنابلة كالقاضي أبي يعلى وابن عقيل وأبي الحسن بن الزاغوني والتميميين وغيرهم. (١)

وهؤلاء يجمعهم أنهم نفاة الصفات الاختيارية المتعلقة بالمشيئة.

وهؤلاء يسموْن الصفاتية لأنهم يثبتون صفات الله تعالى خلافاً للمعتزلة، لكنهم لم يثبتوا لله أفعالاً تقوم به تتعلق بمشيئته وقدرته، بل ولا غير الأفعال مما يتعلق بمشيئته وقدرته. (٢)

وأصلهم الذي أصلوه في هذا أن الله لا يقوم به ما يتعلق بمشيئته وقدرته (٣) لا فعل ولا غير فعل. (٤)

والفرق بينهم وبين المعتزلة:

أن المعتزلة تقول: (لا تحله الأعراض والحوادث) فالمعتزلة لا يريدون [بالأعراض] الأمراض والآفات فقط، بل يريدون بذلك الصفات. ولا يريدون [بالحوادث] المخلوقات، ولا الأحداث المحيلة للمحل ونحو ذلك -مما يريده الناس بلفظ الحوادث-بل يريدون نفي ما يتعلق بمشيئته وقدرته من الأفعال وغيرها فلا يجوزون أن يقوم به خلق، ولا استواء، ولا إتيان، ولا مجيء، ولا تكليم، ولا مناداة، ولا مناجاة، ولا غير ذلك مما وصف بأنه مريد له قادر عليه.

ولكن ابن كلاب ومن وافقه خالفوا المعتزلة في قولهم: "لا تقوم به الأعراض" وقالوا: "تقوم به الصفات ولكن لا تسمى أعراضاً".

ووافقوا المعتزلة على ما أرادوا بقولهم: لا تقوم به الحوادث من أنه لا يقوم به أمر من الأمور المتعلقة بمشيئته. (٥)

ففرقوا بين الأعراض -أي الصفات-والحوادث-أي الأمور المتعلقة بالمشيئة. (٦) (٧)


(١) -مجموع الفتاوى ٥/ ٤١١، ٦/ ٥٢، ٥٣، ٤/ ١٤٧، شرح الأصفهانية ص ٧٨
(٢) -مجموع الفتاوى ٦/ ٥٢٠.
(٣) -مجموع الفتاوى ٦/ ٥٢٤.
(٤) -مجموع الفتاوى ٦/ ٥٢٢.
(٥) -مجموع الفتاوى ٦/ ٥٢٠، ٥٢١.
(٦) -مجموع الفتاوى ٦/ ٥٢٥.
(٧) -تتميماً للفائدة فإن الخلاف في هذه المسألة على أربعة أقوال:
١ - قول المعتزلة ومن وافقهم: أن الله لا يقوم به صفة ولا أمر يتعلق بمشيئته واختياره وهو قولهم: (لا تحله الأعراض ولا الحوادث).
٢ - قول الكلابية ومن وافقهم: التفريق بين الصفات والأفعال الاختيارية فأثبتوا الصفات، ومنعوا أن يقوم به أمر يتعلق بمشيئته وقدرته لا فعل ولا غير فعل.
٣ - قول الكرامية ومن وافقهم: يثبتون الصفات ويثبتون أن الله تقوم به الأمور التي تتعلق بمشيئته وقدرته، ولكن ذلك حادث بعد أن لم يكن، وأنه يصير موصوفا بما يحدث بقدرته ومشيئته بعد أن لم يكن كذلك، وقالوا لا يجوز أن تتعاقب عليه الحوادث، ففرقوا في الحوادث بين تجددها ولزومها فقالوا بنفي لزومها دون حدوثها.
٤ - قول أهل السنة والجماعة: أثبتوا الصفات والأفعال الاختيارية وأن الله متصف بذلك أزلاً، وأن الصفات الناشئة عن الأفعال موصوف بها في القدم، وإن كانت المفعولات محدثة. وهذا هو الصحيح. مجموع الفتاوى ٦/ ٥٢٠، ٥٢٥، ١٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>