(٨)"لأن ضد ذلك إما عدم العلم والقول، وإما اعتقاد نقيض الحق وقول خلاف الصدق. وكلاهما ممتنع.
أما الأول فلأن من في قلبه أدنى حياة وطلب للعلم، أو نهمة في العبادة يكون البحث عن هذا الباب والسؤال عنه ومعرفة الحق فيه أكبر مقاصده وأعظم مطالبه، أعني: بيان ما ينبغي اعتقاده، لا معرفة كيفية الرب وصفاته. وليست النفوس الصحيحة إلى شيء أشوق منها إلى معرفة هذا الأمر.
وهذا أمر معلوم بالفطرة الوجدية، فكيف يتصور مع قيام هذا المقتضى الذي هو من أقوى المقتضيات أن يتخلف عنه مقتضاه في أولئك السادة في مجموع عصورهم. هذا لا يكاد يقع في أبلد الخلق، وأشدهم إعراضًا عن الله، وأعظمهم إكبابًا على طلب الدنيا، والغفلة عن ذكر الله، فكيف يقع من أولئك؟!
وأما كونهم كانوا معتقدين فيه غير الحق أو قائليه، فهذا لا يعتقده مسلم ولا عاقل عرف حال القوم. "
أورد المصنف احتمالين وأجاب عنهما في مسألة دعوى عدم تكلم القرون المفضلة في هذا الباب فقال: إن خلاف ذلك أحد أمرين:
الأمر الأول: إما أنهم لا علم لهم وبالتالي إذا كان لا علم لهم لم يتكلموا في هذا الباب.
الأمر الثاني: أو أنهم كانوا على خلاف الحق.
ثم شرع في الرد على هذين الاحتمالين فقال:
أي إنسان له رغبة في العلم ورغبة في العبادة لابد أن يجعل هذا الباب أعظم مطلوب لديه.
"وهذا أمرٌ معلوم بالفطرة فكيف يتصور مع قيام هذا المقتضى الذي هو من أقوى المقتضيات أن يتخلف عن مقتضاه" أي ما دامت النفوس تشتاق إلى معرفة