للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وطريقتهم في الإثبات أنهم يثبتون ما أثبته الله من الصفات من غير تكييف لها، ولا تحريف، ولا تمثيل، ولا تعطيل.

وطريقتهم في النفي أنهم ينفون عن الله ما نفاه عن نفسه مع إثبات كمال ضد ذلك المنفي.

فطريقة السلف هي إثبات أسماء الله وصفاته مع نفي مماثلة المخلوقين، إثبات بلا تشبيه وتنزيه بلا تعطيل كما قال تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾ [الشورى ١١]، ففي قوله تعالى ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ رد للتشبيه والتمثيل، وفي قوله ﴿وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾ رد للإلحاد والتعطيل (١).

ولقد كانت هذه طريقة السلف في جميع الصفات دون تفريق بين صفة وصفة، وفي ذلك يقول الإمام أحمد رحمه الله تعالى: "لا يوصف الله إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله لا نتجاوز القرآن والسنة" (٢).

وبناءً على هذه القاعدة كان مذهب السلف في صفة الاستواء أنهم يثبتون استواء الله على عرشه استواءً يليق بجلاله وعظمته، ويناسب كبريائه، وهو بائن من خلقه وخلقه بائنون منه.

فالاستواء صفة ثابتة في القرآن والسنة وقد أجمع سلف الأمة على إثباتها.

وذكر صفة الاستواء جاء في سبعة مواضع من القرآن الكريم، كما أن السنة مليئة بالأحاديث الثابتة الصحيحة الدالة على علو الله واستوائه على عرشه.

والسلف يقولون إن معنى هذا الاستواء الوارد في الكتاب والسنة معلوم في اللغة العربية، كما قال ربيعة بن عبد الرحمن، والإمام مالك: "الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة".

فقولهم: (الاستواء معلوم): أي أن معنى الاستواء معلوم في اللغة، وهو ههنا بمعنى العلو والارتفاع.

قال ابن القيم : "إن لفظ الاستواء في كلام العرب الذي خاطبنا الله بلغتهم وأنزل به كلامه نوعان: مطلق، ومقيد.

فالمطلق: ما لم يوصل معناه بحرف مثل قوله تعالى: ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى﴾


(١) انظر الرسالة التدمرية (ص ٤ - ٧)، المطبعة السلفية، الفتوى الحموية الكبرى (١٦ - ١٧)، المطبعة السلفية.
(٢) مجموع الفتاوى (٥/ ٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>