للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الخليل: هو من قول الله ﷿: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَان﴾ فصعدنا إليه" (١).

وقال ابن القيم: "إن ظاهر الاستواء وحقيقته هو العلو والارتفاع كما نص عليه جميع أهل اللغة والتفسير المقبول" (٢).

ولما كان هذا هو معنى الاستواء في لغة العرب فقد تكلم السلف والمفسرون بهذا المعنى عند تفسير هذه الآية، فقد روي عن مجاهد في تفسير قوله تعالى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى العَرْش﴾ قال: علا على العرش (٣).

وقد روى ابن أبي حاتم في تفسيره بسنده عن أبي العالية في تفسير الآية السابقة الذكر قال: ارتفع (٤).

وقد روي عن الحسن البصري والربيع بن أنس مثله (٥).

وقد روى اللالكائي بسنده عن بشر بن عمر قال: "سمعت غير واحد من المفسرين يقولون: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾، قال: على العرش استوى: ارتفع" (٦).

وفي هذا التفسير لمعنى الاستواء من قبل السلف رد على من زعم أن مذهب السلف هو التقيد باللفظ مع تفويض المعنى المراد، وأنهم كانوا لا يفسرون الاستواء ولا يتكلمون فيه، فمن خلال ما تقدم من الأقوال التي نقلت عن السلف يتضح كذب هؤلاء وزيف ادعائهم.

ومما ينبغي معرفته أن السلف مع إثباتهم لمعنى الاستواء واعتقادهم بأن الله مستو على عرشه ومرتفع عليه، إلا أنهم يكلون علم كيفية ذلك الاستواء إلى الله ﷿ لأن أمره هو مما استأثر الله بعلمه. وفي ذلك يقول القرطبي: "ولم ينكر أحد من السلف الصالح أنه استوى على عرشه حقيقة وإنما جهلوا كيفية الاستواء فإنه لا تعلم حقيقته كما قال الإمام مالك: (الاستواء معلوم-يعني في اللغة-والكيف مجهول، والسؤال عنه بدعة") (٧).

وقال ابن القيم: "إن العقل قد يئس من تعرف كنه صفات الله وكيفيتها، فإنه لا يعلم كيف الله إلا الله. وهذا معنى قول السلف (بلا كيف)، أي: بلا كيف يعقله


(١) التمهيد (٧/ ١٣١ - ١٣٢).
(٢) انظر مختصر الصواعق (٢/ ١٤٥).
(٣) انظر فتح الباري (١٣/ ٤٠٣).
(٤) مجموع الفتاوى (٥/ ٥١٩).
(٥) مجموع الفتاوى (٥/ ٥١٩).
(٦) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (٣/ ٣٩٧).
(٧) تفسير القرطبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>