للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومنهم من يقول: إن بينه وبين العرش من البعد والمسافة ما لو قدر مشغولا بالجواهر لاتصلت به (١).

وقول هؤلاء المشبهة إنما هو نتيجة لازمة لأقوالهم في صفات الله وكلامهم في ذاته.

فالهشامية يقولون: "إن الله جسم ذو أبعاض له قدر من الأقدار، ولكن لا يشبه شيئاً من المخلوقات، ولا يشبهه شيء".

ونقل عنهم أنهم قالوا إنه سبعة أشبار بشبر نفسه، وإن له مكاناً مخصوصاً ووجهة مخصوصة وإنه يتحرك وحركته فعله، وليست من مكان إلى مكان وهو متناه بالذات غير متناه بالقدرة، وإنه مماس لعرشه ولا يفضل منه شيء من العرش ولا يفضل عن العرش شيء منه" (٢).

وأما الكرامية فيقول ابن كرام: "إن معبوده مستقر على العرش استقراراً وإنه بجهة فوقَ ذاتاً وإنه أُحدي الذات أُحدي الجوهر وإنه مماس للعرش من الصفحة العليا".

ولهم في معنى العظم خلاف فقال بعضهم: "إنه مع وحدته على جميع أجزاء العرش والعرش تحته وهو فوقه كله على الوجه الذي هو فوق جزء منه".

وقال بعضهم: "أنه يلاقى مع وحدته من جهة واحدة أكثر من واحد، وهو يلاقى جميع أجزاء العرش وهو العلي العظيم".

وقالت المهاجرية منهم: إنه لا يزيد على عرشه في جهة المماسة ولا يفضل منه شيء على العرش، وهذا يقتضي أن يكون عرضه كعرض العرش.

وصار المتأخرون منهم إلى أنه تعالى بجهة فوق وأنه محاذ للعرش" (٣).

الرد عليهم:

هذا القول للمشبهة يتضمن حقاً وباطلاً.

فالحق فيه هو: اعترافهم بعلو الله واستوائه على عرشه وأنه بائن من خلقه والخلق بائنون عنه.

وأما الباطل فهو: كلامهم في ذات الله والتعرض لكيفية استوائه، وهو كلام باطل وفاسد ليس لهم به دليل من القرآن أو السنة، بل هو قول على الله بغير علم فالله


(١) الملل والنحل (١/ ١٤٤ - ١٤٧).
(٢) المصدر السابق (٢/ ٢٢).
(٣) انظر كتاب التجسيم عند المسلمين (ص ٢٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>