للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(١٠٠) وروى-أيضًا-عن ابن المديني لما سُئل: ما قول أهل الجماعة؟ قال: «يُؤمنون بالرؤية والكلام، وأن الله فوق السماوات على العرش استوى؛ فسئل عن قوله تعالى: ﴿مَا يَكُونُ مِنْ نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ﴾ [المجادلة: ٧]، فقال: اقرأ ما قبلها: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾ (١)» (٢).

وهذا-أيضًا-قول ابن المديني؛ الإمام الحُجَّة، أمير المؤمنين في الحديث؛ أبو الحسن، علي بن عبد الله، شيخ الإمام البخاري الذي قال عنه: «ما استصغرتُ نفسي عند أحد إلا عند عليِّ بن المديني» (٣).

يقول--لما سُئل: ما قول أهل الجماعة-أي: ما قول أهل السنة والجماعة؟ فقال: «يُؤمنون بالرؤية والكلام، أي: يُثبتون رؤية الله ﷿ وكلامَه، وأن الله فوق السماوات- وهذا هو الشاهد- على العرش.

فسئل عن قوله تعالى: ﴿مَا يَكُونُ مِنْ نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ﴾!

وهذه الآية في سورة المجادلة يحتج بها دائمًا مَنْ ينكرون صفة العلو لله تعالى، ويحتج بها-كذلك-مَنْ يقول بالحلول: أن الله حالٌّ ومُختلط بخلقه. تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا.

فأجاب الإمام ابن المديني إجابة مفحمة حيث قال للسائل: اقرأ ما قبل هذه، أي: أول الآية؛ فأولها: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾». والمراد: أن الله تعالى قد افتتح الآية بالعلم واختتمها كذلك بالعلم، فقال: ﴿إن الله بكل شيء عليم﴾؛ فدلَّ على أن المراد بالمعية هنا ليست مَعية الذات قطعًا، وإنما معية العلم.

وبنفس هذا الاحتجاج قد احتج الإمام أحمد فقال: «﴿مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ


(١) أي: أن هذه المعية: هي معية العلم والإحاطة والاطلاع.
(٢) ذكر هذا الأثر الذهبي في كتابه «العلو» (ص ١٢٩).
(٣) انظر: «سير أعلام النبلاء» للذهبي (٩/ ١٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>