للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(١١٤) وروى عبد الرحمن بن أبي حاتم في كتاب «الرد على الجهمية» عن عبد الرحمن بن مهدي قال: «أصحاب جَهْمٍ يُريدون أن يقولوا: إن الله لم يُكَلِّم موسى، ويريدون أن يقولوا: ليس في السماء شيء، وإن الله ليس على العرش، أرى أن يُستتابوا؛ فإن تابوا وإلا قُتِلوا» (١).

وهذا-أيضًا-لبيان شناعة قول هؤلاء الجهمية ومَن دار في فلكهم؛ فإن الإمام عبد الرحمن بن مهدي--كفَّر من قال بهذا؛ فالذي لا تجوز مناكحته ولا توارثه هم الكفار.

والسبب في شناعة هدا القول: كون أنَّ الله غيب، بل هو أعظم الغيب ؛ فمقصود الجهمية: إنكار وإبطال حقيقة وجوده، فإذا تحقق لهم هذا لم يَبق لأيٍّ من الغيبيات الأخرى أي حقيقة أو وجود.

وسبب تسَلُّط الجهمية ومَن وافقهم على هذه الصفة: هو الأصل الفلسفي الذي تقوم عليه الفلسفة: أن العلوم محصورة في المحسوس المشاهد. وبالتالي لا يؤمنون بأي أمر غيبي، ويبقى حديثهم عن وجود الله أنَّه أمر مُتخيل في الذهن لا وجود له في الحقيقة. وخلاصة ما يقوله هؤلاء: إذا ذُكر عُلو الله أن يقولوا: لا داخل العالم


(١) أخرجه البخاري في خلق أفعال العباد (ص ١٧). وعبد الله بن أحمد في السنة (١/ ١٢١، برقم ٤٨) بلفظ مقارب. وابن بطة في الإبانة (تتمة الرد على الجهمية) (٢/ ٩٤ - ٩٥، برقم ٣٢٧) بنحوه، وأيضا (برقم ٢٥٥). وأبو نعيم في الحلية (٩/ ٧ - ٨). والبيهقي في الأسماء والصفات (١/ ٥٤٦، ٦٠٨).
وأورده ابن تيمية في درء تعارض العقل والنقل (٦/ ٢٦١ - ٢٦٢) وصحح إسناده، وأورده أيضا في الفتوى الحموية (ص ٨٤). وذكره الذهبي في «العلو» (ص ١١٨)، وقال: «نقله غير واحد بإسناد صحيح عن عبد الرحمن بن مهدي»، وفي كتاب العرش ٢/ ٢٥٣ - ٢٥٤، وأورده في الأربعين في صفات رب العالمين (ص ٤١، برقم ١١). وأورده في سير أعلام النبلاء (٩/ ١٩٩ - ٢٠٠). وأورده ابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية (٢١٤ - ٢١٥) "

<<  <  ج: ص:  >  >>