للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وعن سليمان التيمي أنه قال: "ولو سئلت أين الله؟ لقلت: في السماء، فإن قال: فأين كان عرشه قبل السماء؟ لقلت: على الماء، فإن قال: فأين كان عرشه قبل الماء؟ لقلت: لا أعلم، قال أبو عبد الله: وذلك لقوله تعالى ﴿وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء﴾ [البقرة ٢٥٥] " (١).

هذا مكان العرش قبل خلق هذا الكون الذي هو عبارة عن السموات والأرض، أما مكانه بعد خلق السموات والأرض فالحديث عنه من جانبين:

الجانب الأول: مكانه بالنسبة إلى الله تعالى مع غيره من المخلوقات.

والجانب الثاني: مكانه بالنسبة إلى السموات والأرض بعد خلقهما.

أما مكان العرش بالنسبة إلى الله تعالى مع غيره من المخلوقات فهو أقربها إليه سبحانه، وذلك لأن الله سبحانه قد أخبر أنه مستو على عرشه في أكثر في موضع في القرآن الكريم، قال تعالى: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ ففي إثبات الاستواء على العرش دليل على قربه إليه لأنه سبحانه مستو على أعلى مخلوقاته وأقربها إليه، وهذه ميزة امتاز بها العرش على ما سواه.

ومما يؤيد كون العرش أقرب المخلوقات إلى الله ما جاء في حديث ابن عباس أن النبي قال: "ولكن ربنا اسمه إذا قضى أمراً سبح حملة العرش، ثم سبح أهل السماء الذين يلونهم، حتى يبلغ التسبيح أهل هذه السماء الدنيا، ثم قال الذين يلون حملة العرش لحملة العرش: ماذا قال ربكم؟ فيخبرونهم ماذا قال" (٢).

فالحديث يدل على أن حملة العرش هم أول من يتلقى أمر الله، ثم يبلغونه للذين يلونهم من أهل السموات، فكونهم أقرب الخلق إلى الله دليل على أن العرش أقرب منهم إليه سبحانه لأنهم إنما يحملونه.

أما مكان العرش بالنسبة للسموات والأرض بعد خلقهما، وهل مازال على الماء؟


(١) خلق أفعال العباد (١٢٧).
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب السلام، باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان، (١٤/ ٢٢٥). والترمذي في سننه، كتاب التفسير، باب سورة سبأ، (٥/ ٣٦٢ رقم ٢٣٢٤). والإمام أحمد في مسنده (١/ ٢١٨). والدارمي في الرد على الجهمية (ص ٧٨). وابن منده في التوحيد (ق ١٦/ ب). والبيهقي في الأسماء والصفات (١/ ٥١٢ - ٥١٣، رقم ٤٣٦). والطحاوي في المشكل (٣/ ١١٣). وأبو نعيم في الحلية (٣/ ١٤٣).
كلهم بإسنادهم عن الزهري عن علي بن الحسين به، وبألفاظ متقاربة.
وقال الترمذي: (هذا حديث حسن صحيح).

<<  <  ج: ص:  >  >>