للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

السموات والأرض وبعد خلقهما، فأما مكانه قبل خلق السموات والأرض فالآيات والأحاديث تبين لنا أن مكانه على الماء، فالله سبحانه يقول في كتابه الكريم ﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَق السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء﴾. [هود: ٧]

قال الطبري في تفسير هذه الآية: "وقوله ﴿وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء﴾ يقول وكان عرشه على الماء قبل أن يخلق السموات والأرض وما فيهن، وعن أبي نجيح عن مجاهد في قول الله ﴿وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء﴾ قبل أن يخلق شيئاً" (١).

وأما الأدلة من السنة على ذلك فكثيرة منها حديث عمران بن حصين الذي جاء فيه: "كان الله ولم يكن شيء قبله، وكان عرشه على الماء، وكتب في الذكر كل شيء، ثم خلق السموات والأرض".

وكذلك ما جاء في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص: "كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، قال: وعرشه على الماء".

وكذلك حديث أبي رزين العقيلي قال: قلت يا رسول الله أين كان ربنا قبل أن يخلق خلقه؟ قال: "كان في عما ما تحته هواء وما فوقه هواء ثم خلق عرشه على الماء".

فكل من الآية والأحاديث تدل دلالة قاطعة على أن مكان العرش منذ خلقه على الماء، وليس مراد بالماء هنا ماء البحر لأن ماء البحر إنما وجد بعد خلق السموات والأرض، وإنما الماء المذكور هنا ماء آخر تحت العرش على ما شاء الله تعالى (٢).

وقد سئل حبر الأمة عبد الله بن عباس عن قوله تعالى: ﴿وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء﴾ على أي شيء كان الماء؟ قال: "كان على متن الريح" (٣).

وعن سليمان التيمي أنه قال: "ولو سئلت أين الله؟ لقلت: في السماء، فإن قال: فأين كان عرشه قبل السماء؟ لقلت: على الماء، فإن قال: فأين كان عرشه قبل الماء؟ لقلت: لا أعلم، قال أبو عبد الله: وذلك لقوله تعالى ﴿وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ


(١) تفسير الطبري (١٢/ ٤).
(٢) فتح الباري (١٣/ ٤١١).
(٣) أخرجه ابن جرير في تفسيره (١٥/ ٢٤٩). والدارمي في الرد على بشر المريسي (ص ٤٤٥). وابن أبي عاصم في السنة (١/ ٢٥٨). والحاكم في المستدرك (٢/ ٣٤١). والبيهقي في الأسماء والصفات (٢/ ٢٣٧، رقم ٨٠٢).
كلهم بإسنادهم عن سفيان عن الأعمش بنحوه.
قال الحاكم: (هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه) ووافقه الذهبي.
وإسناده جيد موقوف.

<<  <  ج: ص:  >  >>