للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

(١٢٢) «وكلامُ الأئمة في هذا الباب أطولُ وأكثرُ مِنْ أن تَسَع هذه الفُتْيا عُشْرَه، وكذلك كلام الناقلين لمذهبهم.

مثل ما ذكره أبو سليمان الخَطَّابي في رسالته المشهورة في «الغُنية عن الكلام وأهله»، قال: «فأمَّا ما سألت عنه من الصفات، وما جاء منها في الكتاب والسُّنَّة، فإنَّ مذهب السلف إثباتها وإجراؤها على ظواهرها، ونفي الكيفية والتشبيه عنها، وقد نفاها قوم فأبطلوا ما أثبته الله، وحَقَّقها قومٌ مِنْ المُثبتين؛ فخرجوا في ذلك إلى ضَرْبٍ من التشبيه والتكييف، وإنَّما القصد في سلوك الطريقة المستقيمة بين الأمرين، ودين الله تعالى بين الغالي فيه والجافي والمُقَصِّر عنه.

والأصل في هذا: أنَّ الكلام في الصفات فرعٌ على الكلام في الذَّات، ويحتذى في ذلك حذوه ومثاله. فإذا كان معلومًا أن إثبات الباري سبحانه إنما هو إثبات وجود، لا إثبات كيفية، فكذلك إثبات صفاته إنما هو إثبات وجود، لا إثبات تحديد وتكييف.

فإذا قلنا: يد وسمع وبصر وما أشبهها، فإنما هي صفات أثبتها الله لنفسه؛ ولسنا نقول: إن معنى اليد: القوة أو النِّعمة، ولا معنى السمع والبصر: العلم، ولا نقول: إنها جوارح، ولا نشبهها بالأيدي والأسماع والأبصار التي هي جوارح وأدوات للفعل، ونقول: إنَّ القول إنما وجب بإثبات الصفات؛ لأن التوقيف وَرَدَ بها، ووجب نفي التشبيه عنها؛ لأن الله ليس كمثله شيء، وعلى هذا جرى قول السلف في أحاديث الصفات». هذا كله كلام الخَطَّابي (١).

وهكذا قال أبو بكر الخطيب الحافظ في رسالة له؛ أَخبر فيها: أن مذهب السلف على ذلك».

هذا نقل آخر عن إمام من الأئمة، وهو الإمام الخطابي صاحب كتاب «معالم


(١) ذكره الذهبي في «العلو» (ص ١٧٢، ١٧٣) إلى قوله: «ونفي الكيفية والتشبيه عنها»، وانظر: «مختصر العلو» (ص ٢٥٧)، و «مجموع الفتاوى» (٣/ ١٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>