للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

«وإنَّ الله ﷿ سميع، بصير، عليم، خبير، يتكلم، ويرضى، ويسخط، ويضحك، ويعجب، ويتجلى لعباده يوم القيامة ضاحكًا (١)، وينزل كل ليلة إلى سماء الدنيا كيف شاء: «فيقول: هل مِنْ داع فأستجيب له؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ هل مِنْ تائب فأتوب عليه؟ حتى يطلع الفجر» (٢).

ونزول الربِّ إلى السماء بلا كيف ولا تشبيه ولا تأويل؛ فمن أنكر النزول أو تأول فهو مبتدع ضال، وسائر الصفوة من العارفين على هذا» (٣).

ثم بعد ذلك ذكر جملة من الصفات منها السمع، والبصر، والعلم، والخبرة، والكلام، والرضى، والسخط، والضحك، والعجب، والتجلي، والنزول، وقرَّر عقيدة أهل السنة في هذه المسائل.

والأصبهاني ليس وحده في هذا، حتى عبد القادر الجيلاني في كتابه «الغنية»، يقرر-أيضًا-هذه العقيدة، وسينقل عنه شيخ الإسلام بعد ذلك، وهكذا-أيضًا-وأبو إسماعيل الهروي صاحب «منازل السائرين» يقرِّر هذه العقيدة.

فقديمًا كانت مسائل الاعتقاد واضحة عند الصوفية المتقدمين، وكانوا على الطريق المستقيم فيها، وإن وجد بعض الخلل في النواحي الأخرى، لكن كانت أمور الاعتقاد العلمية صافيةً إلى أن اختلط الحابل بالنابل، وأصبحت الآن الصوفية شريكة الأشعرية أو شريكة الماتريدية، وأصبح لا يستغني أحدهما عن الآخر، وقامت مدارس ومعاهد تقرر معتقد الأشعرية؛ وترى أحدهم يقول: أنا أشعري العقيدة نقشبندي الطريقة، أو رفاعي الطريقة، أو أحمدي الطريقة، أو شاذلي الطريقة، إلى غير ذلك من الطرق التي لا حَصر لها ولا عدد.

وهذا يؤكد البعد عن الكتاب والسنة؛ مصداقاً لقوله : ﴿وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا﴾ [النساء: ٨٢].


(١) «الحجة في بيان المحجة» (١/ ٢٤٩).
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) انظر: «درء تعارض العقل والنقل» (٦/ ٢٥٦، ٢٥٧)، و «مجموع الفتاوى» (٥/ ١٩١)، و «اجتماع الجيوش» لابن القيم (ص ٢٧٦)، و «العلو» للذهبي (ص ١٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>