للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

«فقال: «من أعظم ما يُوسوس في التوحيد بالتشكيك، أو في صفات الرب بالتمثيل والتشبيه، أو بالجحد لها والتعطيل». فقال بعد ذكر حديث الوسوسة».

الشيطان جاء لكثير من المتصوفة وخيَّل لهم وأوهمهم أنه هو الله، ولذلك نذكر قصة النبي مع ابن صَيَّاد، حيث قَالَ له النَّبِيُّ : «ماذا ترى؟». قال: أَرَى عَرْشًا فَوْقَ الْمَاءِ، فَقَالَ النَّبِيُّ : «تَرَى عَرْشَ إِبْلِيسَ فَوْقَ الْبَحْرِ» (١).

هذا في قصة ابن صياد، وابن صياد كان يُظن أنه هو الدجال، وهو من يهود المدينة؛ فرآه النبي واجتمع به، وكان بينه وبين النبي حوارًا، فقال له النبيُّ: «إِنِّي قَدْ خَبَّأْتُ لَكَ خِبْئًا فَمَا هُوَ؟». قَالَ: الدُّخُّ، فَقَالَ النَّبِيُّ : «اخْسَأْ؛ فَإِنَّكَ لَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ» (٢)، وكذلك قَالَ النَّبِيُّ : ماذا ترى؟ قال: «أَرَى عَرْشًا فَوْقَ الْمَاءِ»، فَقَالَ النَّبِيُّ : «تَرَى عَرْشَ إِبْلِيسَ فَوْقَ الْبَحْرِ».

فبعض المتصوفة إنما انحرفوا وصاروا إلى ما صاروا إليه؛ لما تركوا العِلم؛ فكثر فيهم الجهل، إلى أن أوهمهم الشيطان أنه يكشف لهم الحجاب، وأنهم يرون الله ﷿.

فهذا هو المقصود بالتشكُّل: أن الشيطان يَتشكل لهؤلاء، ويوهمهم أنهم يرون الله ﷿، وهم في الحقيقة إنَّما يرون شيطانًا.

ومن مداخل الشيطان على هؤلاء: إيهامهم بالتشبيه والتمثيل، والخوض في الكيفية، أو بالجحد لها والتعطيل: «فقال بعد ذِكر حديث الوسوسة»، وحديث الوسوسة معروف، وهو أن الصحابة رضوان الله عليهم قالوا للنبي : «إِنَّا نَجِدُ فِي أَنْفُسِنَا مَا يَتَعَاظَمُ أَحَدُنَا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ. فقال النبي : «أَوَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ؟». قَالُوا:


(١) انظر: «صحيح مسلم»، كتاب (الْفِتَن وَأَشْرَاطِ السَّاعَةِ)، بَاب (ذِكْرِ ابْنِ صَيَّادٍ)، برقم (٢٩٢٥)، والترمذي (٢٢٤٧)، وأحمد في «المسند»؛ (مُسْنَد الْمُكْثِرِينَ مِنَ الصَّحَابَةِ) (١١٩٢٦).
(٢) انظر: «صحيح مسلم»، كتاب (الْفِتَن وَأَشْرَاطِ السَّاعَةِ)، بَاب (ذِكْر ابْنِ صَيَّادٍ)، برقم (٢٩٢٤)، وأحمد في «المسند»؛ (مُسْنَد الْمُكْثِرِينَ مِنَ الصَّحَابَةِ) (٣٦١٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>