للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الذين خاضوا في مسألة نصوص العلو والمعية والقرب والجمع بينهما من المخالفين يمكن تقسيمهم إلى طائفتين (١).

الطائفة الأولى: النجارية وَكَثِيرٌ مِنْ الْجَهْمِيَّة.

قولهم: هم على قسمين:

١ - عُبَّادُهُمْ وَصُوفِيَّتُهُمْ وَعَوَامُّهُمْ يَقُولُونَ: إنَّهُ بِذَاتِهِ فِي كُلِّ مَكَانٍ.

٢ - أَهْلُ الْوَحْدَة يَقُولُونَ: إنَّهُ عَيْنُ وُجُودِ الْمَخْلُوقَاتِ كَمَا يَقُولُهُ الْقَائِلُونَ بِأَنَّ الْوُجُودَ وَاحِدٌ وَمَنْ يَكُونُ قَوْلُهُ مُرَكَّبًا مِنْ الْحُلُولِ وَالِاتِّحَادِ.

موقفهم من النصوص: هُمْ يَحْتَجُّونَ بِنُصُوصِ " الْمَعِيَّةِ وَالْقُرْبِ "؛ وَيَتَأَوَّلُونَ نُصُوصَ " الْعُلُوِّ وَالِاسْتِوَاءِ فهم تَرَكَوا النُّصُوصَ الْكَثِيرَةَ الْمُحْكَمَةَ الْمُبَيَّنَةَ وَتَعَلَّقَوا بِنُصُوصِ قَلِيلَةٍ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِم مَعَانِيهَا.

الطائفة الثانية: جماعة من أهل الكلام والتصوف كأبي معاذ التومني، وزهير الأثري، وأصحابهما (٢)، وهو موجود في كلام السالمية كأبي طالب المكي وأتباعه كأبي الحكم برجان وأمثاله ما يشير إلى نحو هذا. كما يوجد في كلامهم ما يناقض هذا (٣)

قولهم: إن الله بذاته فوق العرش وهو بذاته في كل مكان.

فهم يقولون بأن الله في كل مكان، وأنه مع ذلك مستو على عرشه وأنه يرى بالأبصار بلا كيف، وأنه موجود الذات بكل مكان، وأنه ليس بجسم ولا محدود ولا يجوز عليه الحلول ولا المماسة، ويزعمون أنه يجيء يوم القيامة كما قال تعالى: ﴿وَجَاَءَ رَبُّكَ﴾ [الفجر ٢٢]، وقولهم هذا يشبه قول بعض مثبتة الجسم الذين يقولون إنه لا نهاية له (٤).

والفرق بين هذا القول وقول الجهمية: بأن الله في كل مكان هو أن هؤلاء يثبتون العلو ونوعا من الحلول، أما الجهمية فلا يثبتون العلو على مقصود هؤلاء من الاستواء على العرش والمباينة.


(١) مجموع الفتاوى ٥/ ٢٢٦ - ٢٣١ بتصرف.
(٢) انظر نقض تأسيس الجهمية (١/ ٦)، والفتاوى (٢/ ٢٩٩)، ومقالات الإسلاميين (١/ ٣٢٦).
(٣) مجموع الفتاوى (٢/ ٢٩٩)
(٤) نقض تأسيس الجهمية (٢/ ٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>