للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

«وكذلك قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الأَرْضِ إِلَهٌ﴾ [الزخرف: ٨٤]، لم يقل في السماء ثم قطع، كما قال: ﴿أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ﴾، ثم قطع فقال: ﴿أنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ﴾، فقال: ﴿وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الأَرْضِ إِلَهٌ﴾؛ إله أهل السماء وإله أهل الأرض، وذلك موجود في اللغة؛ تقول: فلان أمير في خراسان وأمير في بلخ، وأمير في سمرقند، وإنما هو في موضع واحد، ويَخفى عليه ما وراءه، فكيف العالي فوق الأشياء لا يَخفي عليه شيء من الأشياء يُدَبِّره، فهو إله فيهما إذا كان مُدبرًا لهما، وهو على عرشه وفوق كل شيء تعالى عن الأمثال» (١).

وأما استدلالهم بقوله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاء إِلَهٌ وَفِي الأَرْضِ إِلَهٌ﴾، فمعنى الآية: أي هو إله من في السموات وإله من في الأرض.

قال ابن عبد البر: "فوجب حمل هذه الآية على المعنى الصحيح المجتمع عليه، وذلك أنه في السماء إله معبود من أهل السماء، وفي الأرض إله معبود من أهل الأرض، وكذلك قال أهل العلم بالتفسير" (٢).

وقال الآجري: "وقوله ﷿ ﴿وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاء إِلَهٌ وَفِي الأَرْضِ إِلَهٌ﴾ فمعناه: أنه جل ذكره إله من في السموات وإله من في الأرض، وهو الإله يعبد في السموات، وهو الإله يعبد في الأرض، هكذا فسره العلماء" (٣).

وروى الآجري بسنده في تفسيره هذه الآية عن قتادة قوله: "هو إله يعبد في السماء، وإله يعبد في الأرض" (٤).

وأما استدلالهم بقوله تعالى ﴿هُوَ اللّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ﴾ فقد فسرها أئمة العلم كالإمام أحمد وغيره أنه المعبود في السموات والأرض (٥).


(١) انظر: كتاب «فهم القرآن» (ص ٢٢٣ - ٣٥٦)، طبع مع كتاب «العقل» كلاهما للحارث المحاسبي.
(٢) التمهيد (٧/ ١٣٤).
(٣) الشريعة (٣/ ١١٠٤).
(٤) الشريعة (٣/ ١١٠٤ - ١١٠٥).
(٥) الرد على الزنادقة والجهمية للإمام أحمد (ص ٩٢ - ٩٣)، ومجموع الفتاوى (١١/ ٢٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>