للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

«إلى أن قال: «ثم إن الله تعرف إلينا بعد إثبات الوحدانية والإقرار بالألوهية: أن ذكر تعالى في كتابه بعد التحقيق، بما بدأ من أسمائه وصفاته، وأَكَّد بقوله، فقبلوا منه كقبولهم لأوائل التوحيد من ظاهر قوله: لا إله إلا الله.

ثم قال: فعلى المؤمنين خاصَّتهم وعامتهم قبولُ كل ما ورد عنه ؛ بنقل العدل عن العدل، حتى يتصل به ، وإن مما قضى الله علينا في كتابه ووصف به نفسه ووردت السُّنَّةُ بصحة ذلك».

من القواعد المقررة عند أهل السنة والجماعة في باب الأسماء والصفات، والتي لها تعلق بالنصوص وكيفية ورودها في الكتاب والسنة، أن النصوص تأتي بنفي مجمل للنقائص والعيوب عن الله ﷿، وإثبات مفصّل لصفات كماله ونعوت جلاله

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «وأصل دين المسلمين أنهم يصفون الله بما وصف به نفسه في كتبه وبما وصفته به رسله، من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، بل يثبتون له تعالى ما أثبته لنفسه، وينفون عنه ما نفاه عن نفسه، ويتبعون في ذلك أقوال رسله، ويجتنبون ما خالف أقوال الرسل، كما قال تعالى: ﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾، أي: عما يصفه الكفار المخالفون للرسل، ﴿وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ﴾، لسلامة ما قالوه من النقص والعيب، ﴿وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ (١)، فالرسل وصفوا الله بصفات الكمال ونزهوه عن النقائص المناقضة للكمال، ونزهوه عن أن يكون له مثل في شيء من صفات الكمال، وأثبتوا له صفات الكمال على وجه التفصيل، ونفوا عنه التمثيل، فأتوا بإثبات مفصَّل ونفي مجمل، فمن نفى عنه ما أثبته لنفسه من الصفات كان معطلاً، ومن جعلها مثل صفات المخلوقين كان ممثلاً، والمعطِّل يعبد عدماً والممثل يعبد صنماً، وقد قال تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾، وهو ردٌّ على الممثلة، ﴿وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ (٢)، وهو ردٌّ على المعطِّلة» (٣).


(١) الآية [١٨٠ - ١٨٢] من سورة الصافات.
(٢) الآية [١١] من سورة الشورى.
(٣) الجواب الصحيح (٤/ ٤٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>