«إلى أن حدث في آخر الأمة مَنْ قَلَّل اللهُ عددَهم ممن حذرنا رسول الله ﷺ عن مجالستهم ومكالمتهم، وأمرنا أن لا نعود مَرضاهم، ولا نشيع جنائزهم؛ فقصد هؤلاء إلى هذه الروايات فضربوها بالتشبيه، وعمدوا إلى الأخبار فعملوا في دَفعها إلى أحكام المقاييس، وكفر المتقدمين، وأنكروا على الصحابة والتابعين، وردوا على الأئمة الراشدين؛ فضلوا وأضلوا عن سواء السبيل».
أشار رحمه الله تعالى إلى بعض سمات أهل الباطل وقد ذكر جملة منها في هذه الفتوى في مواطن متفرقة، ولعل في ذكرها مجتمعة مزيد فائدة لينتفع بها من أكرمه الله بالسير على منهج السلف الصالح، ولتكون تذكرة لمن حاد عن هذا المنهج لعل الله أن ينير بصيرته ويعود إلى صراط الله المستقيم وهذه السمات لمناهج أهل الباطل جمعتها وفق النقاط الآتية:
أولاً: أنهم يجعلون أقوالهم هي الأصل ويجعلون ما جاء في الكتاب والسنة تبع لها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:"وأما سبيل الضلال والبدعة والجهل فعكس ذلك أن يبتدع بدعةً برأي رجالٍ وتأويلاتهم، ثم يجعل ما جاء به الرسول تبعًا لها، ويحرف ألفاظه، ويتأول على وفق ما أصلوه
وهؤلاء تجدهم في نفس الأمر لا يعتمدون على ما جاء به الرسول، ولا يتلقون الهدى منه، ولكن ما وافقهم منه قبلوه، وجعلوه حجةً لا عمدة، وما خالفهم تأولوه، كالذين يحرفون الكلم عن مواضعه أو فوضوه، كالذين لا يعلمون الكتاب إلا أماني" (١)
وقال أيضاً: " وأمّا أهل البدع: فهم أهل أهواء وشبهات، يتّبعون أهواءهم فيما
(١) انظر مجموع الفتاوى ج ٥/ ٢٩ وج ١٦/ ٤٣٣، ودرء تعارض العقل والنقل ج ١/ ٧ وج ٣/ ٧٧ والصواعق المرسلة ج ٢/ ٤٥٦، و ٦٣٣.