للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد تحدث علماء السلف عن سمات الفرق الهالكة وأسباب تفرقهم وما أحدثوه في الدين تحدثوا من باب النصيحة والتحذير.

فقد سأل عمرو بن قيس الحكم بن عتبة: «ما اضطر الناس إلى هذه الأهواء أن يدخلوا فيها؟ قال الخصومات» (١) وقال الفضيل بن عياض: «لا تجادلوا أهل الخصومات فإنهم يخوضون في آيات الله» (٢) وفي مصنف عبد الرزاق أن رجلاً قال لابن عباس: الحمد لله الذي جعل هوانا على هواكم. فقال: كل هوى ضلالة» (٣).

وعن أبي قلابة قال: «ما ابتدع قوم بدعة إلا استحلوا السيف» (٤).

فالله تعالى قد ذم في كتابه من يتتبع المتشابهات ورسوله كما عاقب عمر صبيغاً.

وقد صارت هذه العادة سمة وشعارا لأهل البدع والأهواء ومنهجا ينتهجونه في التلبيس، وسلَّما للوصول إلى بغيتهم وطريقاً في تحقيق نواياهم السيئة، ومِعْولاً يهدمون بها أصول الدين، ويعارضون بها الحق بعد ما تبين للناس، ويلبسون به على عقول العوام ويفسدون به دينهم بإلقاء الشبهات تارة وباستخدام الألفاظ المجملة والمعاني مشتبهة تارة أخرى.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ولهذا قال الإمام أحمد في أول ما كتبه في الرد على الزنادقة والجهمية فيما شكت فيه من متشابه القرآن وتأولته على غير تأويله، مما كتبه في حبسه قال في أوله: "الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضلَّ إلي الهدى ويبصرون منهم على الأذى يحيون بكتاب الله الموتى، ويبصرون بنور الله أهل العمي، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من تائه ضالٍّ قد هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس وأقبح أثر الناس عليهم! ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين الذين عقدوا ألوية البدعة، وأطلقوا عنان الفتنة، فهم مختلفون في الكتاب مخالفون للكتاب، متفقون على مخالفة الكتاب، يقولون علي الله وفي الله وفي كتاب الله بغير علم، يتكلمون بالمتشابه من الكلام، ويخدعون جهال الناس بما يشبهون عليهم


(١) رواه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة ١/ ٨٢
(٢) رواه الدارمي برقم ٤٠٦
(٣) المصنف لابن أبي شيبة ١١/ ١٢٦
(٤) الشريعة للأجري ١/ ٤٦

<<  <  ج: ص:  >  >>