للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مَعَانِي النُّصُوصِ الْمَصْرُوفَةِ عَنْ حَقَائِقِهَا بِأَنْوَاعِ الْمَجَازَاتِ وَغَرَائِبِ اللُّغَاتِ. فَهَذَا الظَّنُّ الْفَاسِدُ أَوْجَبَ " تِلْكَ الْمَقَالَةَ " الَّتِي مَضْمُونُهَا نَبْذُ الْإِسْلَامِ وَرَاءَ الظَّهْرِ وَقَدْ كَذَبُوا عَلَى طَرِيقَةِ السَّلَفِ وَضَلُّوا فِي تَصْوِيبِ طَرِيقَةِ الْخَلَفِ؛ فَجَمَعُوا بَيْنَ الْجَهْلِ بِطَرِيقَةِ السَّلَفِ فِي الْكَذِبِ عَلَيْهِمْ. وَبَيْنَ الْجَهْلِ وَالضَّلَالِ بِتَصْوِيبِ طَرِيقَةِ الْخَلَفِ. " (١)

ثامنا: من سمات أهل الباطل أنهم جمعوا بين الجهل والظلم

قال ابن تيمية: "وَهَذَا لِأَنَّ الْأَصْلَ الَّذِي اشْتَرَكُوا فِيهِ أَصْلٌ فَاسِدٌ مَبْنِيٌّ عَلَى جَهْلٍ وَظُلْمٍ، وَهُمْ مُشْتَرِكُونَ فِي ظُلْمِ سَائِرِ الْمُسْلِمِينَ، فَصَارُوا بِمَنْزِلَةِ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ الْمُشْتَرِكِينَ فِي ظُلْمِ النَّاسِ. وَلَا رَيْبَ أَنَّ الْمُسْلِمَ الْعَالِمَ الْعَادِلَ أَعْدَلُ عَلَيْهِمْ وَعَلَى بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ. وَالْخَوَارِجُ تُكَفِّرُ أَهْلَ الْجَمَاعَةِ، وَكَذَلِكَ أَكْثَرُ الْمُعْتَزِلَةِ يُكَفِّرُونَ مَنْ خَالَفَهُمْ وَكَذَلِكَ أَكْثَرُ الرَّافِضَةِ وَمَنْ لَمْ يُكَفِّرْ فُسِّقَ. وَكَذَلِكَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ يَبْتَدِعُونَ رَأْيًا، وَيُكَفِّرُونَ مَنْ خَالَفَهُمْ فِيهِ. " (٢)

تاسعاً: ومن سمات مناهج أهل الباطل أن استدلالاتهم لا تخرج أن الأمور الآتية.

ما يحتج به أهل البدع فشبههم لا تخرج عن أحد الأمور التالية:

١ - إما آيات وأحاديث صحيحة يتأولونها ويتعسفون في تفسيرها حتى توافق ما جاءوا به من الباطل مع أنه ليس فيها دلالة على ما يزعمون ويدعون.

٢ - وإما أحاديث واهية أو موضوعة لا يحتج بها ولا يعتمد عليها بل هي مخالفة لأهم قواعد هذا الدين المبنية على الآيات والأحاديث الثابتة الصحيحة.

وهذا الصنف هو أغلب بضاعتهم، بل وأكثر ما يستدلون به عند عرض بدعهم، إما جهلا منهم بحكم هذه الأحاديث، أو لعلمهم بأن هذا النوع من الأدلة هو مما يسهل ترويج باطلهم عند العوام الذين لا يستطيعون أن يميزوا بين الصحيح والضعيف من الأحاديث.

٣ - وإما بحكايات مكذوبة منسوبة لبعض أئمة هذا الدين الذين لهم في نفوس الناس منزلة ومكانة. وتلك الحكايات مروية بأسانيد مظلمة عن رجال مجهولين وهي مردودة بما اشتهر عن أولئك الأئمة من أقوال ذكرت في كتبهم أو رويت عن طريق تلاميذهم بأسانيد صحيحة تؤكد زيف تلك، الحكايات المنسوبة إليهم وتبرهن على بطلانها.


(١) مجموع الفتاوى ٥/ ٨ - ٩
(٢) منهاج السنة النبوية ٥/ ١٥٧

<<  <  ج: ص:  >  >>