للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لما فيه من الحق، إذ لابد في كل بدعة - عليها طائفة كبيرة - من الحق الذي جاء به الرسول ويوافق عليه أهل السنة والحديث: ما يوجب قبولها، إذ الباطل المحض لا يقبل بحال.

وبالجملة: فالثبات والاستقرار في أهل الحديث والسنة أضعاف أضعاف ما هو عند أهل الكلام والفلسفة.) (١)

ولذلك قام علماء الإسلام بحفظ آثارهم وأقوالهم، وحفظوها، ونقلوها بأسانيدها كما نقل كلام الله ﷿، وكلام نبيه ، فاستقاموا على هذا الأمر. فإذا لو سئل صاحب السنة: ما مصدر التلقي عندكم فالجواب: كتاب الله، وسنة نبيه على وفق فهم السلف الصالح. فإذًا الإسلام هو السنة، والسنة هي الإسلام، ولا يقوم أحدهما إلا بالآخر.

الأمر الثاني: تميز أهل السنة باتصال السند.

تميَّز قول أهل السنة باتصال السَنَد، فما كان عليه أصحابُ النبي فأهل السنة-بحمد الله تعالى-يقولُون به إلى يومنا هذا ويعتقدونه ويدينُون الله ﷿ به، فسندهم متصل، بخلافِ أهلِ البدعِ والأهواء فنجد أن سندهم منقطع؛ ينقطعُ إلى فلانٍ من الناس ولا يمكنُ بأي حالٍ من الأحوال أن يتصلَ ذلك إلى أصحابِ النبي فضلاً عن أن يتصلَ إلى كلام الله وكلام رسوله .

ويصف الأصفهاني هذا الأمر فيقول: "ومما يدل علي أن أهل الحديث هم أهل الحق، أنك لو طالعت جميع كتبهم المصنفة من أولهم إلى آخرهم، قديمهم وحديثهم مع اختلاف بلدانهم وزمانهم، وتباعد ما بينهم في الديار، وسكون كل واحد منهم قطرًا من الأقطار - وجدتهم في بيان الاعتقاد على وتيرة واحدة ونمط واحد، يجرون على طريقة لا يحيدون عنها ولا يميلون فيها، قولهم في ذلك واحد ونقلهم واحد، لا ترى فيهم اختلافًا ولا تفرقًا في شيء ما وإن قل، بل لو جمعت جميع ما جرى على ألسنتهم ونقلوه عن سلفهم، وجدته كأن جاء على قلب واحد، وجرى على لسان واحد، وهل على الحق دين أبين من هذا؟ " (٢)


(١) مجموع الفتاوى ٤/ ٥٠.
(٢) الحجة في بيان المحجة ٢/ ٢٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>