للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ونزولها من عند الله وعروج الروح إليه واستوائه على عرشه، ونزوله إلى السماء الدنيا، فكل هذه الأدلة تبين بطلان هذا القول ومخالفته.

وأما استدلال هؤلاء بنصوص المعية والقرب، فقد بينا خطأ هذا الاستدلال وبطلانه عند الرد على الأدلة السمعية لمذهب الجهمية، وقد بينا أنه ليس للمخالفين أي متمسك في جعلها لمعية الذات أو قرب الذات "أما بيان تناقض هذا القول: فهو واضح من أقوالهم، فهم يجمعون بين أقوال متناقضة، فهم تارة يقولون إنه بذاته فوق العرش، وتارة يقولون إنه فوق العرش ونصيب العرش فيه كنصيب قلب العارف -كما يذكر ذلك أبو طالب المكي وغيره-، ومعلوم أن قلب العارف نصيبه منه المعرفة والإيمان وما يتبع ذلك.

فإن قالوا: إن العرش كذلك، فقد نقضوا قولهم بأنه بنفسه فوق العرش.

وإن قالوا بحلول ذاته في قلوب العارفين، كان ذلك قولا بالحلول الخاص، وهذا ما وقع فيه طائفة من الصوفية ومنهم صاحب منازل السائرين (١).

القول الرابع:

القائل: سَلَفُ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتُهَا: أَئِمَّةُ الْعِلْمِ وَالدِّينِ مِنْ شُيُوخِ الْعِلْمِ وَالْعِبَادَةِ

قولهم: أَثْبَتُوا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَوْقَ سَمَوَاتِهِ وَأَنَّهُ عَلَى عَرْشِهِ بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ وَهُمْ مِنْهُ بَائِنُونَ وَهُوَ أَيْضًا مَعَ الْعِبَادِ عُمُومًا بِعِلْمِهِ وَمَعَ أَنْبِيَائِهِ وَأَوْلِيَائِهِ بِالنَّصْرِ وَالتَّأْيِيدِ وَالْكِفَايَةِ وَهُوَ أَيْضًا قَرِيبٌ مُجِيبٌ.

موقفهم من نصوص الصفات: يؤمنون بجميع نصوص الصفات ولا يرون أن بينها أي تعارض فأَثْبَتُوا وَآمَنُوا بِجَمِيعِ مَا جَاءَ بِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ كُلُّهُ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيفٍ لِلْكَلِمِ

فإجماع السلف من الصحابة والتابعين ومن سار على نهجهم منعقد على إثبات علو الله، واستوائه على عرشه وقد نقل غير واحد من السلف هذا الإجماع عنهم، ومن ذلك ما رواه البيهقي بإسناد صحيح عن الأوزاعي أنه قال: "كنا والتابعون متوافرون نقول: إن الله-تعالى-ذكره فوق عرشه، ونؤمن بما وردت فيه السنة من صفاته" (٢).


(١) مجموع الفتاوى (٥/ ١٢٢ - ١٣١).
(٢) أخرجه البيهقي في الأسماء والصفات (٢/ ٣٠٤، رقم ٨٦٥). وأخرجه ابن بطة في الشرح والإبانة (ص ٢٢٩). وذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتوى الحموية، انظر مجموع الفتوى (٥/ ٣٩)، وصحح إسناده.
وقال: "وإنما قال الأوزاعي هذا بعد ظهور جهم المنكر لكون الله فوق عرشه، والنافي لصفاته، ليعرف الناس أن مذهب السلف خلاف ذلك". وأخرجه الذهبي في السير (٧/ ١٢٠ - ١٢١، ٨/ ٤٠٢). وأورده في تذكرة الحفاظ (١/ ١٧٩ - ١٨٠)، وفي الأربعين (ص ٤٢، برقم ١٣). وفي العلو (ص ١٠٢)، وعزاه للبيهقي في الأسماء والصفات. وأورده ابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية (ص ١٣١، ١٣٥) وصحح إسناده، وقال الذهبي في كتاب العرش ٢/ ٢٢٣ ورواته أئمة ثقات. وأورده ابن حجر في فتح الباري (١٣/ ٤٠٦)

<<  <  ج: ص:  >  >>