للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عامتهم مسلم بما فيها، وقد شرح بعضها شروح مطولة عديدة، ونقل منها نقولٌ متكاثرة، واعتمد على ما فيها من عقائد (١).

وممن قال بهذا القول: الجهمية.

ومن مقولاتهم الفاسدة وآرائهم المنحرفة زعمهم أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص ولا يتفاضل أهله فيه.

قال الأشعري: "وزعمت الجهمية أن الإيمان لا يتبعض ولا يتفاضل أهله فيه" (٢).

وقال الشهرستاني: "قال أي الجهم: والإيمان لا يتبعض أي لا ينقسم إلى عقد وقول وعمل، قال: ولا يتفاضل أهله فيه، فإيمان الأنبياء وإيمان الأمة على نمط واحد، إذ المعارف لا تتفاضل " (٣).

وجهم وأتباعه إنما قالوا بهذا القول لأن الإيمان عندهم مجرد التصديق، فمن صدق بقلبه فهو عندهم مؤمن كامل الإيمان وإن تكلم بالكفر، وسب الله ورسوله وسخر بالدين، وأحل المحرمات، وفعل غير ذلك من الأمور التي هي كفر بواح.

والتصديق عندهم يتساوى فيه العباد، ولا يقبل الزيادة والنقصان فهو إما أن يعدم وإما أن يوجد، ولا يقبل التبعض، فإذا ذهب بعضه ذهب كله، ولا يتفاضل الناس فيه، فإيمان الملائكة والأنبياء والصديقين وإيمان فساق الأمة وأهل الخنا والفجور سواء (٤).

وممن قال بهذا القول: الخوارج والمعتزلة:

ذهبت الخوارج والمعتزلة مذهب أهل السنة والجماعة في تعريف الإيمان من حيث أنه شامل للأعمال والأقوال والاعتقادات، إلا أنهم فارقوا أهل السنة والجماعة بقولهم إن الإيمان كل واحد لا يتجزأ إذا ذهب بعضه ذهب كله، وأنه لا يقبل التبعض.

ومن هنا كان الإخلال بالأعمال وارتكاب الكبائر عندهم مخرجاً من الإيمان كلية، على خلاف بينهم في تسميته كافراً، فالخوارج قطعوا بكفره، ونازعهم المعتزلة في الاسم وقالوا نحن لا نسميه مؤمناً ولا كافراً، وإنما هو في منزلة بين المنزلتين أي: بين منزلة الإيمان والكفر، وإن كانوا قد اتفقوا جميعاً أنه يوم القيامة خالد


(١) انظر كتاب زيادة الإيمان ونقصانه ص ٣١٨. ٣١٩
(٢) المقالات (ص ١٣٢).
(٣) الملل والنحل (١/ ٨٨).
(٤) انظر مجموع الفتاوى (٧/ ٥٨٢ (.

<<  <  ج: ص:  >  >>