للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فيه صحف أعمال العباد ليظهر الرابح والخاسر) (١).

ويروى من طريق عبد الملك بن أبي سليمان أنه قال: (ذكر الميزان عند الحسن فقال: له لسان وكفتان) (٢).

وعن سليمان قال: (يوضع الميزان وله كفتان، لو وضع في إحداهما السموات والأرض ومن فيهن لوسعته) (٣).

ويقول الهراس: (وهناك تنصب الموازين فتوزن بها أعمال العباد، وهي موازين حقيقية كل ميزان منها له لسان وكفتان، ويقلب الله أعمال العباد - وهي أعراض - أجساماً لها ثقل، فتوضع الحسنات في كفة والسيئات في كفة) (٤).

ونقتصر في إثبات أن الميزان له لسان وكفتان على ما قدمناه من ذكر أقوال العلماء.

وبهذا يتبين أن أهل الحق - أهل السنة والجماعة - يثبتون حقيقة الميزان على ضوء ما جاء في كتاب الله تعالى وسنة رسوله ، لا يتأولون معناه، ولا يردون ما جاء في وصفه، ويقولون: الله وحده هو الذي يعلم قدرهما وكيفيتهما.

إذ لو لم يكن له لسان وكفتان؛ بل هو بمعنى العدل والقضاء كما ذهب إليه بعض العلماء، لو لم يكن كذلك لما وصف في السنة النبوية بأن له لسانا وكفتين، وأنه يخف ويثقل؛ إذ العدل لا يقال فيه تلك الصفات، فصح أنه ميزان حقيقي يزن الله فيه أعمال العباد، فمن رجحت حسناته على سيئاته دخل الجنة، ومن رجحت سيئاته على حسناته دخل النار، على ما علم من مذهب السلف.

وإذ كنا نثبت صفات الميزان على ضوء ما جاء به الشرع فإنه لا ينبغي أن نتكلف فنثبت له أوصافاً تحتاج إلى إثبات من الشارع، أو نستند إلى أخبار لم تثبت، فإن الغلو في هذا مذموم.

وكمثال على هذا: ما يذهب إليه بعض الناس من أن كفتي الميزان من ذهب (٥).

أو القول بأن كفة الحسنات من نور، وكفة السيئات من ظلام (٦).

أو أن كفة الحسنات عن يمين العرش مقابل الجنة، وكفة السيئات عن يسار العرش مقابل النار (٧).


(١) تكملة شرح الصدور، ص ١٤.
(٢) تفسير المنار، (٨/ ٣٢٢).
(٣) فتح الباري، (١٣/ ٥٣٩).
(٤) شرح العقيدة الواسطية، (ص ١٢٣).
(٥) الفصل لابن حزم، (٤/ ٦٥).
(٦) التذكرة: ص ٣١٣.
(٧) التذكرة، ص ٣١٤، وعزاه إلى الحكيم الترمذي.

<<  <  ج: ص:  >  >>