للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وذكر بعضهم في صفة الوزن: أن تجعل جميع أعمال العباد في الميزان في مرة واحدة، كل الحسنات في كفة النور، وهي يمين العرش جهة الجنة، والسيئات في كفة الظلمة، وهي عن يسار جهة النار، ويخلق الله لكل إنسان علماً ضرورياً يدرك به خفة أعماله وثقلها.

وقيل: بل علامة الرجحان عمود نور يقوم في كفة الحسنات حتى يكسو كفة السيئات، وعلامة الخفة عمود ظلمة يقوم من كفة السيئات حتى يكسو كفة الحسنات، لكل أحد (١).

والظاهر أن هذه الكيفيات كلها تحتاج إلى إثبات، فهي مسألة غيبية، والله تعالى له القدرة على ما يشاء.

٢ - النافون لصفات الميزان:

وهؤلاء قالوا بعكس ما قاله الفريق الأول، حيث أحجموا عن وصف الميزان بالأوصاف التي تقدمت، واكتفوا بإثبات أن هناك ميزاناً فقط.

١ - يقول محمد رشيد رضا - في نفي تلك الصفات وفي رده على الزجاج: (وإذا لم يكن في الصحيحين ولا في كتب السنة المعتمدة حديث صحيح مرفوع في صفة الميزان، ولا في أن له كفتين ولساناً، فلا تغتر بقول الزجاج أن هذا مما أجمع عليه أهل السنة، فإن كثيراً من المصنفين يتساهلون بإطلاق كلمة الإجماع ولاسيما غير الحفاظ المتقنين، والزجاج ليس منهم، ويتساهلون في عزو كل ما يوجد في كتب أهل السنة إلى جماعتهم، وإن لم يعرف له أصل من السلف، ولا اتفق عليه الخلف منهم، وهذه المسألة مما اختلف فيه السلف والخلف كما علمت) (٢).

وقال أيضاً: (والأصل الذي عليه سلف الأمة في الإيمان بعالم الغيب: أن كل ما ثبت من أخباره في الكتاب والسنة فهو حق لا ريب فيه، نؤمن به، ولا نحكم رأينا في صفته وكيفيته، فنؤمن إذا بأن في الأخرة وزناً للأعمال قطعاً، ونرجع أنه بميزان يليق بذلك العالم، ويوزن به الإيمان، والأخلاق، والأعمال، ولا نبحث عن صورته وكيفيته، ولا عن كفتيه - إن صح الحديث فيهما - كما صوره الشعراني في ميزانه) (٣).

والواقع أن ما قاله محمد رشيد رضا - من إنكار أن يكون هناك أي إشارة إلى أن الميزان له كفتان من السنة - غير مسلم فقد جاء في السنة بعض الأحاديث التي تدل


(١) لوامع الأنوار (٢/ ١٨٨ - ١٨٩).
(٢) تفسير، المنار، (٨/ ٣٢٢).
(٣) تفسير المنار، (٨/ ٣٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>