وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُصَلِّيهَا وَلا يُعِيدُهَا؛ فَإِنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يُصَلُّونَ الْجُمُعَةَ وَالْجَمَاعَةَ خَلْفَ الأَئِمَّةِ الْفُجَّارِ وَلا يُعِيدُونَ، كَمَا كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُصَلِّي خَلْفَ الْحَجَّاجِ، وَابْنُ مَسْعُودٍ وَغَيْرُهُ يُصَلُّونَ خَلْفَ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ وَكَانَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ؛ حَتَّى إنَّهُ صَلَّى بِهِمْ مَرَّةً الصُّبْحَ أَرْبَعًا، ثُمَّ قَال: أَزِيدُكُمْ؟ فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: مَا زِلْنَا مَعَك مُنْذُ الْيَوْمَ فِي زِيَادَةٍ!! وَلِهَذَا رَفَعُوهُ إلَى عُثْمَان …
وَالْفَاسِقُ وَالْمُبْتَدِعُ صَلاتُهُ فِي نَفْسِهِ صَحِيحَةٌ؛ فَإِذَا صَلَّى الْمَأْمُومُ خَلْفَهُ لَمْ تَبْطُلْ صَلاتُهُ، لَكِنْ إنَّمَا كَرِهَ مَنْ كَرِهَ الصَّلاةَ خَلْفَهُ لأَنَّ الأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَاجِبٌ، وَمِنْ ذَلِكَ [يعني: ومن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر] أَنَّ مَنْ أَظْهَرَ بِدْعَةً أَوْ فُجُورًا لا يُرَتَّبُ إمَامًا لِلْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ التَّعْزِيرَ حَتَّى يَتُوبَ فَإِذَا أَمْكَنَ هَجْرُهُ حَتَّى يَتُوبَ كَانَ حَسَنًا وَإِذَا كَانَ بَعْضُ النَّاسِ إذَا تَرَكَ الصَّلاةَ خَلْفَهُ وَصَلَّى خَلْفَ غَيْرِهِ أُثِرَ ذَلِكَ حَتَّى يَتُوبَ أَوْ يُعْزَلَ أَوْ يَنْتَهِيَ النَّاسُ عَنْ مِثْلِ ذَنْبِهِ. فَمِثْلُ هَذَا إذَا تَرَكَ الصَّلاةَ خَلْفَهُ كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ وَلَمْ يَفُتْ الْمَأْمُومَ جُمُعَةٌ وَلا جَمَاعَةٌ. وَأَمَّا إذَا كَانَ تَرَكَ الصَّلاةَ يَفُوتُ الْمَأْمُومَ الْجُمُعَةُ وَالْجَمَاعَةُ فَهُنَا لا يَتْرُكُ الصَّلاةَ خَلْفَهُمْ إلا مُبْتَدِعٌ مُخَالِفٌ لِلصَّحَابَةِ ﵃.
وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الإِمَامُ قَدْ رَتَّبَهُ وُلاةُ الأُمُورِ، وَلَمْ يَكُنْ فِي تَرْكِ الصَّلاةِ خَلْفَهُ مَصْلَحَةٌ، فَهُنَا لَيْسَ عَلَيْهِ تَرْكُ الصَّلاةِ خَلْفَهُ، بَلْ الصَّلَاةُ خَلْفَ الإِمَامِ الأَفْضَلِ أَفْضَلُ" (١).
(١) انظر: مجموع الفتاوى: ٢٣/ ٣٥٢ - ٣٥٤.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute