للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

«والصلاة على مَنْ مات من أهل القبلة سُنَّة»

وقوله: «أهل القبلة» يَشمل الأمة بمجموعها، وإن كان فيها مَنْ هو على فكر مُخالف؛ لذلك لما سئل علي عن الخوارج: «أمشركون هم؟ قال: مِنْ الشرك فَرُّوا. فقالوا: أفمنافقون؟ قال: إنَّ المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلًا-أي: هؤلاء يذكرون الله كثيرًا-قيل: فما هم يا أمير ألمؤمنين؟ قال: إخواننا بَغَوْا علينا؛ فقاتلناهم ببغيهم علينا!» (١).

وذكر الحسن أنه قال عنهم: «قوم أصابتهم فتنة؛ فعَموا فيها وصَمُّوا» (٢).

ولقد وضع أمير المؤمنين عليٌّ منهجًا قويمًا في التعامل مع هذه الطائفة، تَمثل هذا المنهج في قوله للخوارج: « … إلَّا أنَّ لكم عندي ثلاث خلال ما كنتم معنا: لن نَمنعكم مساجد الله، ولا نمنعكم فيئًا ما كانت أيديكم مع أيدينا، ولا نُقاتلكم حتى تُقاتلوا» (٣).

وقد التزم لهم أمير المؤمنين علي إلى أن قتلوا عبد الله بن خَبَّاب بن الأَرَت، وبقروا بطن جاريته؛ فطالبهم بِقَتَلَته فَأَبَوْا، وقالوا: كلنا قَتَله، وكُلُّنا مُستحل دماكم ودماءهم، فسَلَّ عليهم سيفَ الحق حتى أبادهم في وقعة النهروان (٤).

ومن منهجه في التعامل مع الخوارج حال بقائهم في جماعة المسلمين: مُحاورتهم لإزالة الشبهات التي لديهم؛ فقد أرسل إليهم عبد الله بن عباس فحاورهم، وحاورهم هو بنفسه فرجع منهم جَمٌّ غفير.

وبعد قتال أمير المؤمنين عليٍّ للخوارج-حرص على تحذير الناس من مسلكهم، حتى إنه لما انتهى من النهروان جعل يَمشي بين القتلى ويقول: «بُؤسًا


(١) «البداية والنهاية» (٧/ ٣٠٠).
(٢) أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (١٠/ ١٥٠) برقم (١٨٦٥٦).
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة في «مصنفه» (٧/ ٥٦٢) برقم (٥٦٢).
(٤) انظر: «البداية والنهاية» (١٠/ ٥٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>