للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يشهد له بالنار، لكن نرجو للمحسن ونخاف على المسيء، إلا من شهد له الرسول .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "إِنَّمَا قَدْ نَقِفُ فِي الشَّخْصِ الْمُعَيَّنِ؛ فَلَا نَشْهَدُ لَهُ بِجَنَّةٍ وَلَا نَارٍ إِلَّا عَنْ عِلْمٍ، لِأَنَّ حَقِيقَةَ بَاطِنِهِ وَمَا مَاتَ عَلَيْهِ لَا نُحِيطُ بِهِ، لَكِنْ نَرْجُو لِلْمُحْسِنِ وَنَخَافُ عَلَى الْمُسِيءِ.

وأهل السنة لَهُمْ فِي الشَّهَادَةِ بِالْجَنَّةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ:

القول الأول: مِنْهُمْ مَنْ لَا يَشْهَدُ بِالْجَنَّةِ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْأَنْبِيَاءِ. وَهَذَا قَوْلُ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ وَالْأَوْزَاعِيِّ.

وَالقول الثَّانِي: أَنَّهُ يَشْهَدُ بِالْجَنَّةِ لِكُلِّ مُؤْمِنٍ جَاءَ فِيهِ نَصٌّ. وَهَذَا قَوْلُ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ. " (١).

وقد استدل لهذا القول:

- حديث الصحيحين أن رسول الله قال: "إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار وإن الرجل ليعمل عمل أهل النار فيما يبدو للناس وهو من أهل الجنة"، وهذا في حديث الذي قتل نفسه بعد أن أثنى عليه الناس.

- الحديث الآخر: "إن الرجل منكم ليعمل حتى ما يكون بينه وبين الجنة إلا ذراع فيسبق عليه كتابه فيعمل بعمل أهل النار ويعمل حتى ما يكون بينه وبين النار إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة" (٢). والشاهد من هذه الأحاديث أن خاتمة السوء لا تؤمن فكيف يقطع للرجل بالجنة؟

- حديث أبي هريرة في الصحيح قال خرجنا مع رسول الله يوم خيبر فلم نغنم ذهبا ولا فضة إلا الأموال والثياب والمتاع فأهدى رجل من بني الضبيب يقال له رفاعة بن زيد لرسول الله غلاما يقال له مدعم فوجه رسول الله إلى وادي القرى حتى إذا كان بوادي القرى بينما مدعم يحط رحلاً لرسول الله إذا سهم عائر فقتله فقال الناس هنيئا له الجنة فقال رسول الله كلا والذي نفسي بيده إن الشملة التي أخذها يوم خيبر من المغانم لم تصبها المقاسم لتشتعل عليه نارا" (٣).


(١) انظر المسألة في منهاج السنة: ٣/ ٤٩٧ - ٥٠٠.
(٢) أخرجه البخاري: (٣٢٠٨)، ومسلم: (٢٦٤٣).
(٣) أخرجه البخاري (٦٣٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>